المسجد فصاحب السلطان، فلا يتقدم عليه، وإن كان الزائر أعلم أو أكبر سنّاً، إلا أن يقدمه ويأذن له فلا بأس؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:((إلا بإذنه))، أما حديث:((من زار قوماً)) لو صحَّ فهو محمول على بغير الإذن، وحديث:((من زار قوماً)) تعضده الأدلة الأخرى، وبعض الناس قد يأذن حياءً، فينبغي للزائر أن لا يعجل في التقدم حتى يلحَّ عليه صاحب السلطان ويشدد ويلزم)) (١).
١٨ - الإمامة في مسجد قبل إمامه لا تجوز إلا إذا تأخر عن الوقت المحدد أو بإذنه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه)) (٢). فلا يجوز للإنسان أن يؤم في مسجد له إمام راتب إلا بإذن الإمام، كأن يوكّله فيقول: صلّ بالناس، أو يقول للجماعة إذا تأخَّرْتُ عن موعد الإقامة فصلوا.
ويجوز للجماعة إذا تأخر الإمام تأخراً ظاهراً أن يقدّموا أحدهم؛ لفعل الصّدّيق - رضي الله عنه - (٣) وعبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - حين غاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أحسنتم)) (٤)، وإذا أمَّ في مسجد قبل إمامه بدون إذن الإمام أو عذره فقيل: الصلاة لا تصحّ، ويجب عليهم الإعادة مع الإمام الرّاتب، وقيل: تصحّ مع الإثم وهذا هو الصواب؛ لأن الأصل الصّحّة حتى يقوم الدليل على الفساد (٥).
١٩ - الإمامة من المصحف صحيحة على الصحيح من قولي أهل العلم؛ لأن عائشة رضي الله عنها كان يؤمُّها عبدُها ذكوان من المصحف (٦). قال الإمام ابن باز - رحمه الله -: ((يجوز ذلك إذا دعت الحاجة إليه، كما يجوز
(١) سمعته أثناء تقريره على المنتقى من أخبار المصطفى - صلى الله عليه وسلم -،الأحاديث ١٤١٤ - ١٤٢٢. (٢) مسلم، برقم ٦٧٣، وتقدم تخريجه في أولى الناس بالإمامة. (٣) متفق عليه: البخاري، برقم ٦٨٤، ومسلم، برقم ٤٢١، ويأتي تخريجه في انتقال الإمام مأموماً. (٤) متفق عليه: البخاري، برقم ١٨٢، ومسلم، برقم ٢٧٤، وتقدم تخريجه في صلاة الجماعة. (٥) انظر: الروض المربع مع حاشية ابن قاسم، ٢/ ٢٦٧ - ٢٦٨، والشرح الممتع لابن عثيمين، ٤/ ٢١٨، ومجموع فتاوى الإمام ابن باز، ١٢/ ١٤٣. (٦) البخاري، كتاب الأذان، باب إمامة العبد والمولى، في ترجمة الباب، قبل الحديث رقم ٦٩٢.