وذكر أبو الخطاب أنه يعمق قدر قامة وبسطة وهو قول الشافعي، ثم قال ابن قدامة:((والمنصوص عن أحمد أن المستحب تعميقه إلى الصدر؛ لأن التعميق قدر قامة وبسطة يشق ويخرج عن العادة)) (١).
الأمر الثاني عشر: اللحد أفضل من الشق إذا كانت التربة صلبة لا ينهال ترابها، وإن كانت رخوة تنهار فالشق أفضل؛ لحديث أنس - رضي الله عنه - قال: لما توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - كان بالمدينة رجل يَلْحدُ وآخر يُضرّحُ (٢) فقالوا: نستخيرُ ربنا ونبعث إليهما، فأيهما سُبق تركناه، فأُرسل إليهما فسبق صاحب اللحد فلحدوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -)) (٣).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: لما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اختلفوا في اللحد والشق، حتى تكلّموا في ذلك وارتفعت أصواتهم، فقال عمر: لا تصخبوا (٤) عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيّاً ولا ميتاً، أو كلمة نحوها، فأرسلوا إلى الشاقّ واللاحد جميعاً، فجاء اللاحد، فلحد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم دفن - صلى الله عليه وسلم - (٥).
وعن عامر بن سعد بن أبي وقاص أن سعد بن أبي وقاص قال في مرضه الذي هلك فيه:((الحدوا لي لحداً، وانصبوا عليّ اللبن نصباً كما صنع برسول الله - صلى الله عليه وسلم -)) (٦).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اللحد لنا والشق
(١) المغني، ٣/ ٤٢٦ - ٤٢٧، وانظر: فتاوى اللجنة الدائمة، ٨/ ٤٢٢. (٢) يضرح: ضرح للميت: حفر له ضريحاً، والضريح القبر، أو الشق، والثاني هو المراد شرعاً بالمقابلة. (٣) ابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في الشق، برقم ١٥٥٧، وأحمد، ١/ ٨. (٤) لا تصخبوا: أي لا تصيحوا. (٥) ابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في الشق، برقم ١٥٥٨، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، ٢/ ٣٣. (٦) مسلم، كتاب الجنائز، باب في اللحد ونصب اللبن على الميت، برقم ٩٦٦.