وقال - عز وجل -: {إِنَّ الله لاَ يَظْلِمُ الناس شَيْئًا وَلَكِنَّ الناس أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}(٢). ويجمع الإيمان بالقضاء والقدر أربع مراتب إذا آمن بها العبد فقد استكمل الإيمان بهذا الأصل العظيم.
المرتبة الأولى: العلم، فيؤمن العبد إيمانا جازماً أن علم الله محيط بكل شيء، وأنه يعلم ما كان، وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون، وأن الله - عز وجل - علم بما الخلق عاملون، بعلمه الأزلي، علم جميع أحوالهم وأعمالهم: من الطاعات، والمعاصي، والأرزاق، والآجال، وعلم حركاتهم، وسكناتهم، ومن منهم من أهل الجنة، ومن منهم من أهل النار، قال - سبحانه وتعالى -: {إِنَّ الله بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}(٣).
وقال - عز وجل -: {وَأَنَّ الله قَدْ أَحَاطَ بِكُلّ شَيْءٍ عِلْمًا}(٤) فبنى تقديره - سبحانه وتعالى - لمقادير الخلائق على هذا العلم السابق الأزلي، وقدر مقادير الخلائق: من السعادة والشقاوة وغير ذلك بحسب الأعمال التي سبق علمه بها من خير وشر (٥).
المرتبة الثانية: كتابة الله - عز وجل - لجميع الأشياء والمقادير في اللوح المحفوظ: الدقيقة والجليلة، ما كان وما سيكون.
قال - سبحانه وتعالى -: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}(٦)، وقد جمعت هذه الآية بين المرتبتين السابقتين.
(١) سورة النساء، الآية: ٤٠. (٢) سورة يونس، الآية: ٤٤. (٣) سورة العنكبوت، الآية: ٦٢. (٤) سورة الطلاق، الآية: ١٢. (٥) انظر: جامع العلوم والحكم، لابن رجب ١/ ١٦٩. (٦) سورة الحج، الآية: ٧٠.