العذر)). وفي لفظ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجع من غزوة تبوك فدنا من المدينة فقال:((إن بالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً، ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم)) قالوا: يا رسول الله، وهم بالمدينة؟ قال:((وهم بالمدينة، حبسهم العذر)) (١). فدلَّ ذلك على أن من حبسه عذر شرعي يكون له أجر من عمل العمل على الوجه الشرعي (٢).
تاسعاً: صلاة الجماعة الثانية مشروعة لمن فاتته صلاة الجماعة الأولى مع الإمام في المسجد (٣)؛ لحديث أبي سعيد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبصر رجلاً يصلي وحده، فقال:((ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه؟)) (٤). ولفظ الترمذي: جاء رجل وقد صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال:((أيُّكم يتّجرُ على هذا؟)) فقام رجل فصلى معه. ولفظ الإمام أحمد: أن
(١) البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب من حبسه العذر عن الغزو برقم ٢٨٣٨، وبرقم ٤٤٢٣. (٢) انظر: الاختيارات الفقهية لابن تيمية، ص١٠٢، ومجموع فتاوى الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز، ١٢/ ١٦٥. (٣) تكرار الجماعة في المسجد الواحد له صور، منها: الصورة الأولى: أن يكون إعادة الجماعة أمراً راتباً، بأن يكون في المسجد جماعتان دائماً: الجماعة الأولى، والجماعة الثانية، أو أكثر، فهذا بدعة. الصورة الثانية: أن يكون إعادة الجماعة أمراً عارضاً، والإمام الراتب هو الذي يصلي بالمسجد، لكن أحياناً يتخلف رجلان، أو ثلاثة، أو أكثر لعذر، فهذا هو محل الخلاف، فمن العلماء من يقول: لا تعاد الجماعة، بل يصلون فرادى، ومنهم من قال: بل تعاد، وهذا هو الصواب وهو الصحيح، وهو مذهب الحنابلة، للأدلة المذكورة في متن هذه الرسالة. الصورة الثالثة: أن يكون المسجد في طريق الناس، أو سوقهم، فيأتي الرجلان والثلاثة يصلون ثم يخرجون، ثم يأتي غيرهم فيصلون فلا تكره الإعادة في هذا المسجد أيضاً، قال الإمام النووي في المجموع، ٤/ ٢٢٢: ((إذا لم يكن للمسجد إمام راتب فلا كراهة في الجماعة الثانية بالإجماع)). وانظر: الشرح الممتع للعلامة ابن عثيمين ٤/ ٢٢٦ - ٢٣٢. وفي المسألة صور أخرى: انظر: صلاة الجماعة للعلامة صالح بن غانم السدلان، ص١٠٠. (٤) أبو داود، برقم ٥٧٤، والترمذي، برقم ٢٢٠، وأحمد، ٣/ ٤٥، ٦٤، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، ١/ ٢٠٩ وابن حبان، ٦/ ١٥٧، برقم ٢٣٩٧ - ٢٣٩٩، وأبو يعلى، ٢/ ٣٢١، برقم ١٠٧٥، وصححه الألباني في إرواء الغليل، ٢/ ٣١٦، برقم ٥٣٥، وتقدم تخريجه في الصلوات ذوات الأسباب آخر صلاة التطوع.