فقال:((أيكم يحب أن يغدو (١) كل يوم إلى بُطْحَانَ أو العقيق (٢) فيأتي منه
بناقتين كَوْمَاويْنِ (٣) في غير إثمٍ ولا قطع رحمٍ؟)) فقلنا: يا رسول الله نحب ذلك، قال:((أفلا يغدو أحدُكُم إلى المسجد فيعلَمُ أو يقرأُ آيتين من كتاب الله - عز وجل -، خير له من ناقتينِ، وثلاثٌ خيرٌ له من ثلاثٍ، وأربعٌ خيرٌ له من أربعٍ، ومن أعدادهن من الإبل)) (٤). قال الإمام القرطبي رحمه الله:((ومقصود الحديث: الترغيب في تعلُّمِ القرآن، وتعليمه، وخاطبهم على ما تعارفوه، فإنهم أهل إبل، وإلا فأقل جزءٍ من ثواب القرآن وتعليمه خيرٌ من الدنيا وما فيها)) (٥)، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((ولقاب قوس أحدكم (٦) أو موضع قدمٍ خير من الدنيا وما فيها)) (٧).
(١) يغدو: يبكر. المفهم للقرطبي، ٢/ ٤٢٩. (٢) بطحان، والعقيق، واديان بينهما وبين المدينة قريب من ثلاثة أميال، أو نحوها. المرجع السابق، ٢/ ٤٢٩، وشرح النووي على صحيح مسلم، ٦/ ٣٣٧. (٣) الكوماوان، تثنية كوماء: الناقة العظيمة السنام، كأنه كوم، انظر: المفهم للقرطبي، ٢/ ٤٢٩، وشرح النووي على صحيح مسلم، ٦/ ٣٣٧. (٤) مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب فضل قراءة القرآن وتعلمه، برقم ٨٠٣. (٥) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ٢/ ٤٢٩. (٦) لقاب قوس أحدكم: القاب القدر، أي موضعٌ قدره، وقيل: قدر ذراع، وفي لفظ للبخاري [برقم ٢٧٩٦] ((ولقاب قوس أحدكم من الجنة أو موضع قيدٍ يعني سوطه خيرٌ من الدنيا وما فيها))، وفي الترمذي عن أبي هريرة - رضي الله عنه -[برقم ٣٠١٣] ((إن موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها)). وانظر: تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي، ص٣٤٦، والنهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب القاف مع الواو، ٤/ ١١٨. (٧) متفق عليه. البخاري، واللفظ له، كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار، برقم ٦٥٦٨، ومسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الغدوة والروحة في سبيل الله، برقم ١٨٨٠.