وعن عمرو بن ميمون - رحمه الله - قال:((أدركت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهم يقولون: المساجد بيوت الله، وإنه حق على الله أن يكرم من زاره)) (١).
وقد حثّ النبي - صلى الله عليه وسلم - على بناء المساجد ورغَّب في ذلك، فعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:((من بنى مسجداً)) قال بكير: حسبت أنه قال: ((يبتغي به وجه الله)) ((بنى الله له مثله في الجنة)). ولفظ مسلم:((من بنى مسجداً لله)) قال بكير: حسبت أنه قال: ((يبتغي به وجه الله تعالى، بنى الله له بيتاً في الجنة)) (٢).
وذكر ابن حجر رحمه الله أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من بنى مسجداً)) التنكير فيه للشيوع فيدخل فيه الكبير والصغير)) (٣). ووقع في رواية أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:((من بنى لله مسجداً صغيراً أو كبيراً بنى الله له بيتاً في الجنة)) (٤). وجاء من حديث أبي ذر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:((من بنى لله مسجداً ولو قدر مفحص قطاة (٥) بنى الله له بيتاً في الجنة)) (٦).
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله -: ((وحمل أكثر العلماء ذلك على
(١) أخرجه ابن جرير في جامع البيان، ١٩/ ١٨٩. (٢) متفق عليه: البخاري، كتاب الصلاة، باب من بنى مسجداً، برقم ٤٥٠، ومسلم، كتاب الصلاة، باب فضل بناء المساجد، والحث عليها، برقم ٥٣٣. (٣) فتح الباري، لابن حجر، ١/ ٥٤٥. (٤) الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في فضل بنيان المسجد، برقم ٣١٩، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، ١/ ١١٠. (٥) مفحص قطاة: القطاة: واحدة القطا، وهو طائر معروف ببطء سيره، والمفحص من الفحص: أي الحفر، والمراد هنا: الموضع الذي تحفره لترقد فيه فتضع فيه بيضها. وانظر: الترغيب والترهيب للمنذري، ١/ ٢٦٢. (٦) البزار بلفظ [مختصر زوائد البزار على الكتب الستة ومسند أحمد، لابن حجر، ١/ ٢١٠ برقم ٢٦٠]، والطبراني في المعجم الصغير [مجمع البحرين، ١/ ٤٤١، برقم ٥٧٨]، وابن حبان [الإحسان، ٤/ ٤٩٠، برقم ١٦١٠]، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، ٢/ ٧: ((رواه البزار والطبراني في الصغير، ورجاله ثقات))، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، ٨/ ١٠٩.