وقوله:((والطيب)) فكأنه حُبّبَ إليه؛ لأنه يناجي ربَّه - سبحانه وتعالى -، ويقابل جبريل، والملائكة تتأذَّى مما يتأذَّى منه بنو آدم، والعلم عند الله تعالى (١).
قوله:((وجعلت قرة عيني في الصلاة)) النبي - صلى الله عليه وسلم - يحصل له السرور العظيم، واللذة العظيمة في صلاته؛ لأنه يستحضر عظمة الله ويناجيه، ويدعوه، فيحصل له كمال المناجاة مع الرب تبارك وتعالى (٢).
قال الراغب الأصفهاني رحمه الله:(( ... وقرّت عينُهُ تقرُّ: سُرَّت، قال:{كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا} (٣)، وقيل لمن يُسَرُّ به: قرّة عينٍ، قال:{قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ}(٤) وقوله: {هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ}(٥) قيل: أصله من القُرّ: أي البرد، فقرّت عينُه، قيل: معناه بردت فصحَّت، وقيل: لأن للسرور دمعة باردة قارة، وللحُزن دمعة حارة؛ ولذلك يقال لمن يُدعى عليه: أسخن الله عينه، وقيل: هو من القرار، والمعنى: أعطاه الله ما تسكن به عينه، فلا يطمح إلى غيره)) (٦).
والنبي - صلى الله عليه وسلم - مهما يحصل له من السرور العظيم، وحلاوة مناجاة الله، تحصل له الراحة فيها؛ لكمال مناجاته لربه، واستحضاره لعظمته، والوقوف بين يديه؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: ((قُمْ يَا بِلالُ فَأَرِحْنَا بِالصَّلاةِ)) وفي
(١) انظر: المرجع السابق، ٧/ ٦٣ - ٦٤. (٢) انظر: شرح السيوطي عن سنن النسائي، وحاشية السندي، ٧/ ٦٣ - ٦٤، ولسان العرب لابن منظور، ٥/ ٨٧، والمصباح المنير، ٢/ ٤٩٧. (٣) سورة طه، الآية: ٤٠. (٤) سورة القصص، الآية: ٩. (٥) سورة الفرقان، الآية: ٧٤. (٦) مفردات ألفاظ القرآن، ص٦٦٣.