مَا كَانَ فِي الْكَعْبَةِ، فَلَمَّا أَرَادَتْ قُرَيْشٌ بِنَاءَ الْبَيْتِ مَنَعَتْهُمُ (١) الْحَيَّةُ هَدْمَهُ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ اعْتَزَلُوا عِنْدَ الْمَقَامِ ثُمَّ دَعَوُا اللَّهَ تَعَالَى فَقَالُوا (٢): اللَّهُمَّ رَبَّنَا إِنَّمَا أَرَدْنَا عِمَارَةَ بَيْتِكَ فَجَاءَ طَيْرٌ (٣) أَسْوَدُ الظَّهْرِ، أَبْيَضُ الْبَطْنِ أَصْفَرُ الرجلين فأخذها فاحتملها فَجَرَّهَا حَتَّى أَدْخَلَهَا أَجْيَادًا. وقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ جُرْهُمًا (٤) لَمَّا طَغَتْ فِي الْحَرَمِ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ وامْرَأَةٌ يُقَالُ لَهُمَا إِسَافٌ وَنَائِلَةُ الْبَيْتَ فَفَجَرَا فِيهِ فَمَسَخَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى حَجَرَيْنِ فَأُخْرِجَا مِنَ الْكَعْبَةِ فَنُصِبَا عَلَى الصَّفَا والْمَرْوَةِ لِيَعْتَبِرَ بِهِمَا مَنْ رَآهُمَا ولِيَزْدَجِرَ النَّاسُ عَنْ مِثْلِ مَا ارْتَكَبَا فَلَمْ يَزَلْ أَمْرُهُمَا يَدْرُسُ ويَتَقَادَمُ حَتَّى صَارَا صَنَمَيْنِ يُعْبَدَانِ.
وقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ عَمْرَو بْنَ لُحَيٍّ دَعَا النَّاسَ إِلَى عِبَادَتِهِمَا وقَالَ لِلنَّاسِ (٥):
إِنَّمَا نُصِبَا هَاهُنَا (٦) أَنَّ آبَاءَكُمْ ومَنْ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَهُمَا وإِنَّمَا أَلْقَاهُ إِبْلِيسُ عَلَيْهِ وكَانَ عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ فِيهِمْ شَرِيفًا سَيِّدَا مُطَاعًا مَا قَالَ لَهُمْ فَهُوَ دِينٌ مُتَّبَعٌ، قَالَ: ثُمَّ حَوَّلَهُمَا قُصَيُّ بْنُ كِلَابٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَوَضَعَهُمَا يُذْبَحُ عِنْدَهُمَا وِجَاهَ الْكَعْبَةِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ وقَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْنَا فِي نَسَبِهِمَا فَقَالَ: قَائِلٌ إِسَافُ ابن بَغَا ونَائِلَةُ بِنْتُ ذِئْبٍ فَالَّذِي ثَبَتَ عِنْدَنَا مِنْ ذَلِكَ عَمَّنْ نَثِقُ (٧) بِهِ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ كَانَ يَقُولُ: هُوَ إِسَافُ بْنُ سُهَيْلٍ ونَائِلَةُ بِنْتُ عَمْرِو ابن ذِيبٍ. وقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّهُ لَمْ يَفْجُرْ بِهَا فِي الْبَيْتِ وإِنَّمَا قَبَّلَهَا، قَالُوا: فَلَمْ يَزَالَا يُعْبَدَانِ حَتَّى كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ فَكُسِّرَا، وكَانَتْ مَكَّةُ لَا يَقَرُّ فِيهَا ظَالِمٌ، ولَا بَاغٍ، ولَا فَاجِرٌ إِلَّا نُفِيَ مِنْهَا وكَانَ نَزَلَهَا بِعَهْدِ الْعَمَالِيقِ وجُرْهُمٍ جَبَابِرَةٌ فَكُلُّ مَنْ أَرَادَ الْبَيْتَ بِسُوءٍ أَهْلَكَهُ اللَّهُ فَكَانَتْ تُسَمَّى بِذَلِكَ الْبَاسَّةَ.
(١) كذا فِي ا، ج. وفِي ب «منعتها».(٢) كذا فِي ا، ج. وفِي ب «وقالوا».(٣) كذا فِي ا، ج. وفِي ب «طائر».(٤) كذا فِي ا، ج. وفِي ب «جرهم».(٥) كذا فِي ا، ج. وفِي ب «الناس».(٦) كذا فِي جميع الأصول والعبارة ناقصة والأصح (إنما نصبا هاهنا ليعبدا وأن … ).(٧) كذا فِي ا، ج. وفِي ب «يثق».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute