وَضَعَهُ حَيْثُ رَأَيْتُمْ، وأَنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا دَامَ بَيْنَ ظَهْرَانِكُمْ. فتمسكوا بِهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَجِيءَ فَيَرْجِعَ بِهِ مِنْ حَيْثُ جَاءَ بِهِ.
• حَدَّثَنِي جَدِّي عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ ابن إِسْحَاقَ قَالَ: لَمَّا أُمِرَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَبْنِيَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ أَقْبَلَ مِنْ أَرْمِينِيَةَ عَلَى الْبُرَاقِ مَعَهُ السَّكِينَةُ لَهَا وَجْهٌ يَتَكَلَّمُ. وهِيَ بَعْدُ (١) رِيحٌ هَفَّافَةٌ، ومَعَهُ مَلَكٌ يَدُلُّهُ عَلَى مَوْضِعِ الْبَيْتِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَكَّةَ وبِهَا إِسْمَاعِيلُ وهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً وقَدْ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ قَبْلَ ذَلِكَ ودُفِنَتْ فِي مَوْضِعِ الْحَجَرِ. فَقَالَ: يَا إِسْمَاعِيلُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنِي أَنَّ أَبْنِيَ لَهُ بَيْتًا. فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ: وأَيْنَ مَوْضِعُهُ؟ قَالَ: فَأَشَارَ لَهُ الْمَلَكُ إِلَى مَوْضِعِ الْبَيْتِ قَالَ:
فَقَامَا يَحْفِرَانِ عَنِ الْقَوَاعِدِ لَيْسَ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا فَبَلَغَ إِبْرَاهِيمُ الْأَسَاسَ (٢) أَسَاسَ آدَمَ الْأَوَّلَ فَحَفَرَ عَنْ رَبَضٍ فِي الْبَيْتِ فَوَجَدَ حِجَارَةً عِظَامًا مَا يُطِيقُ الْحَجَرَ مِنْهَا ثَلَاثُونَ رَجُلًا، ثُمَّ بَنَى عَلَى أَسَاسِ آدَمَ الْأَوَّلِ وتَطَوَّقَتِ السَّكِينَةُ كَأَنَّهَا حَيَّةٌ عَلَى الْأَسَاسِ الْأَوَّلِ، وقَالَتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ ابْنِ عَلَيَّ فَبَنَى عَلَيْهَا فَلِذَلِكَ لَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ أَعْرَابِيٌّ نَافِرٌ ولَا جَبَّارٌ إِلَّا رَأَيْتَ عَلَيْهِ السَّكِينَةَ فَبَنَى الْبَيْتَ وجَعَلَ طُولَهُ فِي السَّمَاءِ تِسْعَةَ أَذْرُعٍ وعَرْضَهُ فِي الْأَرْضِ اثْنَيْنِ وثَلَاثِينَ ذِرَاعًا مِنَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ إِلَى الرُّكْنِ الشَّامِيِّ الَّذِي عِنْدَ الْحَجَرِ مِنْ وَجْهِهِ وجَعَلَ عَرْضَ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ الشَّامِيِّ إِلَى الرُّكْنِ الْغَرْبِيِّ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ اثْنَيْنِ وعِشْرِينَ ذِرَاعًا، وجَعَلَ طُولَ ظَهْرِهَا مِنَ الرُّكْنِ الْغَرْبِيِّ إِلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِي أَحَد وثلاثين ذِرَاعًا وجَعَلَ عَرْضَ شِقِّهَا الْيَمَانِيَّ مِنَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ إِلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِي عِشْرِينَ ذِرَاعًا، فَلِذَلِكَ سُمِّيَتِ الْكَعْبَةَ لِأَنَّهَا عَلَى خِلْقَةِ الْكَعْبِ، قَالَ: وكَذَلِكَ بُنْيَانُ أَسَاسِ آدَمَ ﵇، وجَعَلَ بَابَهَا بِالْأَرْضِ غَيْرَ مُبَوَّبٍ حَتَّى كَانَ تُبَّعٌ (أَسْعَدُ الْحِمْيَرِيُّ) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَهَا بَابًا، وغَلَقًا فَارِسِيًّا، وكَسَاهَا كِسْوَةً تَامَّةً، ونَحَرَ عِنْدَهَا. قَالَ: وجَعَلَ إِبْرَاهِيمُ ﵇ الْحَجَرَ إِلَى جَنْبِ
(١) كذا فِي جميع الاصول وفِي ب «تعد».(٢) كذا فِي جميع الاصول وفِي ب «بان الاساس».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute