فكان ربّما مرّ به من يحبّ العبث فيقفده [١] ، فحشا قفاه خراء، وجلس على قارعة الطريق، فكلما قفده إنسان، تركه حى يجوز ثم يصيح: يا فتى شمّ يدك، فلم يعد بعدها أحد يقفده، وكان يغنّي بقيراط، ويسكت بدانق [٢] .
قال حجر بن عبد الجبار: مرّ موسى بن أبي الروقاء، فناداه صباح الموسوس: يا ابن أبي الروقاء، أهزلت دينك وأسمنت [٣] براذينك، أما والله، إنّ أمامك عقبة لا يجوزها إلا المخفّ، فحبس موسى برذونه، فقيل له: هذا صباح الموسوس، فقال: ما هو بموسوس، [هذا نذير] . [٤]
قال عمر بن عثمان [٥] : شيّعت عبد العزيز بن عبد المطلب المخزومي [٦] وهو قاضي مكة إلى منزله، وبباب المسجد مجنونة تصفق وتقول:[الرجز]
أرّق عيني ضراط القاضي ... هذا المقم ليس ذاك الماضي
فقال يا أبا حفص، أتراها تعني قاضي مكة؟
وقال مجنون البكرات [٧] : أنا أيضا ألثغ إذا أردت أن أقول شريط، قلت: رشيط.
[١] يقفده: يصفعه. [٢] القيراط: نصف دانق، والدانق: بفتح النون وكسرها، سدس الدرهم. [٣] في الأصل: (وأشمتّ براذينك) ، وفي البيان والتبيين: (أسمنت براذينك وأهزلت دينك) . [٤] التكملة بين المعقوفتين من البيان والتبيين. [٥] عمر بن عثمان بن عمر بن موسى التيمي المدني: من وجوه قريش وبلغائها وفصحائها وعلمائها، ولاه الرشيد القضاء بالبصرة، فخرج حاجا وأقام بالمدينة، فلم يزل بها حتى مات. (العقد الفريد ٦/١٦٢ وفيه (عمرو بن عثمان) ، تهذيب التهذيب ٧/٤٨٢- ٤٨٣) [٦] عبد العزيز بن عبد المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي المدني: كان جوادا ذا معرفة بالقضاء والحكم، ولي قضاء المدينة في زمن المنصور ثم المهدي، وولي قضاء مكة. (تهذيب التهذيب ٦/٣٥٧- ٣٥٨) [٧] في الأصل نقص، وفي البيان والتبيين ٢/٢٣٢: (قال: وتذاكروا اللثغ، فقال قوم:-