ابن العميد [١] ، وكان من العلم بالمقام الأمين، أنه قال: مازلت أعد البحتري في المطبوعين حتى سمعت له هذه القصيدة، فاستدللت يها على تكلفه. وما أدري من أين قال ذلك، ألا أن يكون أخذ عليه البيت الأول [٢] فانه خسيس الكلام.
ومن مضحك أشعار العجم قول بعض الشعراء لمسلحة قيّمها أعجمي:
[مجزوء الرمل]
يا أبا عبد الإله ... حبسنا لا يستقيم
فقال له الأعجمي:
من ندانم جمكوي ... هر خري دد رم ونيم
قال: أنا ما أدري إيش يقول كل حمار درهمين ونصف. قال الوزير:
أنشدنيه أبي عن أبيه، قال: وإذا فسّرت أشعار الفرس إلى العربية، وصيغت بعد ذلك شعرا، جاءت كأنّ معانيها معاني الحديث، لا معاني أشعار العرب:
[١٢٧ و] مثل ما قال عبد الله بن المقفع [٣] في معنى شعر نقله من الفارسية إلى العربية، وهو:[السريع]
إنّ الفتى قنّى كحرقوصة ... يشرب ما يشربه الفيل [٤]
[١] أبو الفضل ابن العميد: محمد بن الحسين العميد بن محمد، أبو الفضل، وزير من كبار الكتاب، كان متوسعا في علوم الفلسفة والنجوم، ولقب بالجاحظ الثاني في أدبه وترسله، قال الثعالبي: بدئت الكتابة بعبد الحميد وختمت بابن العميد، ولي الوزارة لركن الدولة البويهي، ومدحه كثير من الشعراء منهم المتنبي، كان حسن السيرة والتدبير لأمور الملك، توفي سنة ٣٦٠ هـ. (وفيات الأعيان ٢/٥٧، الكامل حوادث سنة ٣٥٩ هـ، يتيمة الدهر ص ٢١٣، معاهد التنصيص ٢/١١٥) [٢] يريد مطلع القصيدة: صنت نفسي عمّا يدنس نفسي وترفعت عن جدا لّجبس الجدا: العطاء، والجبس: اللئيم، الجبان الفدم. وحكم المؤلف على هذا البيت حكم جائر. [٣] عبد الله بن المقفع: سبقت ترجمته. [٤] الحرقوصة: دويبة نحو البرغوث.