قالت: والله ما رأيت عربيا قطّ أقبح ولا ألمّ [١] منك، قال: أنت والله أقبح وألمّ قالت: أنت الذي يقول: [٢][الطويل]
كواظم لا ينطقن إلا محورة ... رجيعة قول بعد أن يتفهّما [٣]
تراهن إلا أن يؤدين نظرة ... بمؤخّر عين أو يقلّبن معصما
يحاذرن منّي غيرة قد عرفتها ... قديما فما يضحكن إلا تبسّما
لعن الله الذي يفرق منك، قال: لعنك الله، قالت: أنت الذي تقول: [٤][الوافر]
إذا ضمريّة عطست فنكها ... فانّ عطاسها طرف الوداق [٥]
قال: من أنت؟ قالت: لا يضرّك من أنا. قال: والله إني لأراك لئيمة الأصل والعشيرة، قالت: حيّاك الله أبا صخر، والله ما كان بالمدينة رجلّ أحبّ إليّ وجها ولا لقاء منك، قال: لا حياك الله، ولكن والله ما كان أحد على الأرض أبغض إليّ وجها ولا لقاء منك، قالت: أفتعرفني؟ قال: أعرفك، إنّك لئيمة من اللئام، فانتسبت له، فاذا هي أم ولد بشر بن مروان [٦] ، قال:
- جميل الحفوض: الحفوض: الشعر المستدير حول صلعة الرجل. [١] ألمّ: أكثر لمما، أي جنونا، لمّ فلان: أصابه لمم، طرف من جنون، فهو ملموم. [٢] الأبيات في ديوان كثير عزة ص ١٩٨ من قصيدة، مع اختلاف في ترتيب الأبيات عما في المخطوطة. [٣] كواظم: صامتات يكظمن ما في نفوسهن. محورة: الجواب على الحوار. رجيعة قول: أي الرد على القول. [٤] البيت من قطعة في ديوان كثير ص ١٣٦. [٥] في الأصل: (عطشت فنكها فان عطاشها) . الوداق: اشتهاء الفحل من ذوات الحافر. [٦] بشر بن مروان بن الحكم بن أبي العاص الأموي القرشي: أمير كان سمحا جوادا، ولي إمرة العراقين (البصرة والكوفة) لأخيه عبد الملك سنة ٧٤ هـ، وهو أول أمير مات بالبصرة سنة ٧٥ هـ. (تهذيب تاريخ ابن عساكر ٣/٢٤٨، المعارف لابن قتيبة ص ١٢١، خزانة الأدب ٤/١١٧)