أنظعن أم نقيم فقد أردنا ... بلادا كلها حال مجود [١]
وأبرزت الهوادج ناعمات ... عليهنّ المجاسد والبرود
فلما ودّعونا واستقلّت ... بهم صهب هواديهنّ قود [٢]
كتمت عواذلي ما في فؤادي ... وقلت لهنّ ليتهم بعيد
وفاضت عبرة من ماء عيني ... كأنّ وكيف وابلها الفريد [٣]
فقلن لقد بكيت فقلت كلا ... وهل يبكي من الطّرب الجليد [٤]
ولكني أصاب سواد عيني ... عويد قذى له طرف حديد [٥][٨٧ و]
فقلن ما لدمعهما سواء ... أكلتا مقلتيك أصاب عود [٦]
لقيل دموع عينك خبّرينا ... بما جمحت بزفرتك الصعود
- فقال أبو العتاهية: إني لأستحسن قولك اعتذارا من البكاء إذ تقول: [مجزوء الكامل] كم من صديق لي أسا ... رقه البكاء من الحياء وإذا تفطّن لا مني ... فأقول ما بي من بكاء لكن ذهبت لأرتدي ... فطرفت عيني بالرداء فقال له: أيها الشيخ، ما غرفته إلا من بحرك، ولا نحتّه إلا من قدحك، وأنت السابق حيث تقول: وقالوا قد بكيت فقلت كلا.... الأبيات. قال صاعد: وتقدمهما إلى هذا المعنى الحطيئة حيث يقول: (ديوان الحطيئة ص ٥٩) [الوافر] إذا ما العين فاض الدمع منها أقول بها قذى وهو البكاء [١] كلها حال: أي فيه حلية وأصلها (حالي) فيه خير وغناء. مجود: كثير المطر، من جاد المطر إذا كثر. [٢] هواديهن قود: طوال الأعناق، الهوادي: الأعناق، القود: الطوال الظهور أو الأعناق. [٣] وكيف وابلها: الدمع الغزير المنهمل كالمطر. الفريد: اللؤلؤ. [٤] الوفيات والديوان: (وقالوا قد بكيت.... من الجزع الجليد) . [٥] الوفيات: (ولكن قد أصاب سواد عيني) ، الديوان: (ولكن قد أصاب صواب عيني) . [٦] الوفيات والديوان: (فقالوا ما لدمعهما سواء) .