والصوابُ من القولِ في ذلك أن كلَّ هذه القراءاتِ على اختلافِ ألفاظِها، لغاتٌ مشهوراتٌ في العربِ، وقراءاتٌ مُسْتفيضاتٌ في قرأةِ الأمصارِ، بمعنًى واحدٍ، فبأيَّتِها قرَأ القارئُ فمصيبٌ.
وقد بيَّنا معنى الإسرافِ والإقتارِ بشواهدِهما فيما مضَى من كتابِنا في كلامِ العربِ، فأغنَى ذلك عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٤).
وفى نصبِ "القوامِ" وجهان؛ أحدُهما، ما ذكرتُ، وهو أن يُجعلَ في "كان" اسمُ الإنفاقِ بمعنى: وكان إنفاقُهم ما أنفقوا بين ذلك قوامًا. أي: عَدْلًا والآخرُ، أن يُجعلَ "بينَ" هو الاسمُ، فيكونَ - وإن كانت في اللفظةِ نصبًا - في معنَى رفعٍ، كما يقالُ: كان دونَ هذا لك كافيًا. يعنى به: أقلَّ من هذا كان لك
(١) وهى قراءة نافع وابن عامر. حجة القراءات ص ٥١٣. (٢) وهى قراءة عاصم وحمزة والكسائي. المصدر السابق ص ٥١٤. (٣) وهى قراءة ابن كثير وأبي عمرو. المصدر السابق ص ٥١٢. (٤) ينظر ما تقدم في ٤/ ٣٠٦، ٤٠٨، ٩/ ٦١٧، ١٠/ ١٥٥.