وقدّم رواية السرقسطي مع أن الحديث واحد ومخرجه واحد، ثم إني ألزم الشيخ هنا بلازم أخذه على نفسه ألا وهو جمع طرق الحديث وضم ألفاظه وجمع شمله (١) …
- ففي رواية النسائي والخطيب:«ألا أدلك على خير من ذلك» فهذه الجملة تفيد وتشعر أن قوله -عليه السلام-: «ألقيهما عنك» محمول على الكراهة وليس على التحريم، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يمنع أهله الحلية … وذلك منه -عليه السلام- اختيار للأفضل والأكمل لأهل بيته) (٢)، ولذلك قال ابن حزم:(وهذا الخبر حجة لنا؛ لأنه ليس في هذا الخبر أنه -صلى الله عليه وسلم- نهاها عن مسكتي الذهب، إنما فيه: أنه - عليه الصلاة والسلام - اختار لها غيره، ونحن نقول بهذا)(٣).
- وكذلك الرواية في حديث أم سلمة (ليس فيها نص على التحريم بل إنما فيها الإرشاد إلى ماهو الأفضل من ترك تلك الزينة، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يمنع أهله التوسع في كثير من المباحات ليؤثروا الآخرة على الدنيا)(٤).
- وأخيراً فالمعتمد أن هذه الأحاديث وغيرها بين نظر العلماء على مر الأزمان ولم يفهموا منها مافهم الشيخ الألباني، وهي محمولة عند العلماء على محامل خلاصتها كما قال المنذري: (هذه الأحاديث التي ورد فيها الوعيد على تحلي النساء بالذهب تحتمل وجوهاً من
(١) قال الألباني في آداب الزفاف ص (٢٣٢): (هذه المسألة مثال من جملة الأمثلة الكثيرة على أهمية هذه الطريقة التي تفردنا بها في هذا العصر -فيما أعلم- من تتبع الزيادات من مختلف الروايات وجمع شملها وضمها إلى أصل الحديث، مع تحري الثابت منها، فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله). (٢) المؤنق ص (٣٦ - ٣٧). (٣) المحلى (٩/ ٢٤٢). (٤) إباحة التحلي بالذهب المحلق للنساء للأنصاري ص (٧٩).