أن أم سلمة وهي راوية حديث النهي عن الشرب بالفضة، كان عندها جلجل من فضة فيه شعر للنبي -صلى الله عليه وسلم- يستشفي به الناس، وهذا استعمال في غير الأكل والشرب (١).
ويمكن مناقشة هذا الاستدلال بأمور:
- أن ذكر الفضة في هذا الأثر ليس بموقوف على الصحابي، بل مقطوع على التابعي، أو من بعده وهو إسرائيل بن يونس، وهو ظاهر صنيع البخاري.
- ممايوضح ذلك رواية البخاري للأثر، يقول عثمان بن عبدالله بن موهب:(أرسلني أهلي إلى أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- بقدح من ماء - وقبض إسرائيل ثلاث أصابع - من قُصَّةٍ (٢)، فيه شعر من شعر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان إذا أصاب الإنسان عين أو شيء بعث إليها مِخْضَبَهُ (٣)، فاطلعت في الجلجل، فرأيت شَعَرَاتٍ حُمْرًا) (٤).
(١) انظر: نيل الأوطار (١/ ٩١)، الشرح الممتع (١/ ٧٦). (٢) هذا اللفظ الذي هو الشاهد ورد بلفظ: (قُصَّة) وهو المثبت في المطبوع من البخاري في النسخ التي وقفت عليها، وقد نقل ابن حجر عن ابن دحية قوله: (وقع لأكثر الرواة بالقاف والمهملة، والصحيح عند المحققين بالفاء والمعجمة)، وقال ابن حجر في الفتح (١٠/ ٣٥٣): (من فضة إن كان بالفاء والمعجمة فهو بيان لجنس القدح … وإن كان بالقاف والمهملة فهو من صفة الشعر على ما في التركيب من قلق العبارة، ولهذا قال الكرماني: عليك بتوجيهه، ويظهر أن من سببية، أي: أرسلوني بقدح من ماء بسبب قصة فيها شعر)، وقال ابن قتيبة في غريب الحديث (٢/ ٤٤٨): (والقصة: الجص يُقَال: قصَص فلان داره اذا جصصها)، وانظر: غريب الحديث لأبي عبيد (١/ ٢٧٧). (٣) مِخْضَبه: هو من جملة الأواني، كما أرسل أهل عثمان معه قدحاً. انظر: فتح الباري (١٠/ ٣٥٣). (٤) أخرجه البخاري (٥٨٩٦) وهذا هو نص البخاري، وذكره الشوكاني والعثيمين بالمعنى معزواً للبخاري، وأقرب لفظ لما استدلوا به ذكرته في محل الاستدلال.