اللحية فدلّ على أن ذلك لا ينافي الإعفاء والإرخاء، قال ابن عبدالبر عن فعل ابن عمر:(وهو أعلم بمعنى ما روى)(١)، خاصة وأن المعنى يحتمل ذلك قال الطوفي:(إذا كان الخبر يحتمل وجوهاً، وتتجه له محامل، ففسره الراوي على بعضها; كان ما فسره الراوي عليه مقدماً على باقيها)(٢).
ونوقش هذا الاستدلال بأمور:
- أنه مخالف للأحاديث المرفوعة، وهو اجتهاد من الصحابي، والعبرة بما روى لا بما رأى، (وقد اتفق المسلمون على أنه لا يعارض قول النبي -صلى الله عليه وسلم- بقول أحد من الناس ولا فعله)(٣).
- و النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:«أعفوا» فعمّم ولم يستثن حالاً من حال (٤)، ويؤيده حال النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث لم يثبت (عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الأخذ من اللحية لا قولاً … ولا فعلاً)(٥).
- ثم إن (ابن عمر لم يكن يفعل هذا دائماً، وإنما يفعله إذا حلّ من الإحرام)(٦)، و (لعلّ ابن عمر أراد الجمع بين الحلق والتقصير في النسك … ليدخل في عموم قوله تعالى {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ})(٧).
(١) الاستذكار (٤/ ٣١٧). (٢) شرح مختصر الروضة (٣/ ٧١١). (٣) فتاوى اللجنة الدائمة المجموعة ٢ (٤/ ٤٩)، وانظر: تحفة الأحوذي (٨/ ٣٩)، مجموع فتاوى ابن باز (٨/ ٣٧٠). (٤) انظر: مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (١١/ ١٢٨). (٥) السلسلة الضعيفة (٥/ ٣٧٥). (٦) فتاوى اللجنة الدائمة المجموعة ٢ (٤/ ٤٩). (٧) نقله عن الكرماني ثم أجاب عنه في الفتح (١٠/ ٣٥٠)، والآية من الآية (٢٧) من سورة الفتح.