شرع من قبلنا، وشرع من قبلنا ليس بشرع لنا إذا جاء في شرعنا ما ينسخه بلا خلاف (١)، قال الألوسي:(وأنت تعلم أنه ورد في شرعنا من تشديد الوعيد على المصورين ما ورد، فلا يلتفت إلى هذا القول ولا يصح الاحتجاج بالآية)(٢).
٢/ واستدلوا أيضاً: بأن تحريم الصور على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما كان لقرب عهدهم بالأصنام، فحرّمت التماثيل ليستقر في نفوسهم بطلان عبادتها ويزول تعظيمها، وقد زال هذا المعنى في زماننا ومحي من الأذهان فزال حكم التحريم (٣).
ونوقش هذا الاستدلال:
- بعدم التسليم في تفرد هذه العلة، فإن التحريم علّق بعلة أخرى أقوى منها؛ لأنها منصوصة كما يُفهم من الوعيد للمصور في الآخرة وأنه يقال لهم:«أحيوا ما خلقتم»(٤)، وهي علة مصرح بها في الحديث المتفق عليه:«أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله»(٥)، وفي لفظ لمسلم:«الذين يُشبِّهون بخلق الله»، قال ابن دقيق: (وهذه علة عامة مستقلة مناسبة، لا تخص زماناً دون زمان، وليس لنا أن نتصرف في النصوص المتظاهرة المتضافرة
(١) انظر: أصول السرخسي (٢/ ٩٩)، شرح تنقيح الفصول ص (٣٠٠)، التبصرة للشيرازي ص (٢٨٥)، روضة الناظر ص (٤٥٧). (٢) تفسير الألوسي (١١/ ٢٩٤). (٣) انظر: الحاوي الكبير (٩/ ٥٦٤)، مجلة المنار (٧/ ٣٤). (٤) متفق عليه من حديث عائشة، وبنحوه من حديث ابن عمر -رضي الله عنهم-، أخرجهما البخاري (٢١٠٥)، (٥٩٥١)، ومسلم (٢١٠٧)، (٢١٠٨). (٥) متفق عليه، أخرجه البخاري (٥٩٥٤)، ومسلم (٢١٠٧)، من حديث عائشة، وفي لفظ لمسلم: «الذين يُشبِّهون بخلق الله».