يسلّم بذلك، ويردّه أن ابن عمر كان يمسك عن الأخذ للإحرام فقط، فهو يأخذ قبل شوال للعيد، وبعد الحج قضاء للتفث، ودليله ما في الموطأ أن عبدالله بن عمر:(كان إذا أفطر من رمضان، وهو يريد الحج، لم يأخذ من رأسه ولا من لحيته شيئاً، حتى يحج)(١)، قال الزرقاني:(طلباً لمزيد الشعث المطلوب في الحج)(٢)، قال ابن حجر:(الذي يظهر أن ابن عمر كان لا يخص هذا التخصيص بالنسك، بل كان يحمل الأمر بالإعفاء على غير الحالة التي تتشوه فيها الصورة بإفراط طول شعر اللحية، أو عرضه)(٣).
- ومما يدل على أن وصف النسك غير مؤثر، ما أخرجه مالك بلاغاً:(أنَّ سالم بن عبد الله كان إذا أراد أن يحرم دعا بالجلمين فقص شاربه. وأخذ من لحيته. قبل أن يركب. وقبل أن يهل محرماً)(٤).
- وعلى فرض التخصيص بالنسك؛ فإنه إذا شرع في النسك فلا يكون محرماً في غيره كحلق الرأس أو تقصيره.
- ثم إن سُلّم خصوصية ذلك بالنسك من فعل ابن عمر -رضي الله عنه-، فلا يُسلّم به من فعل أبي هريرة -رضي الله عنه-، ولا من قول الحسن والنخعي
(١) أخرجه مالك (١٨٦) عن نافع عن ابن عمر به، وسنده صحيح. (٢) شرح الزرقاني على الموطأ (٢/ ٥٢٦)، قال ابن عبدالبر في الاستذكار (٤/ ٣١٦): (إنما كان ابن عمر يفعل ذلك -والله أعلم- لأنه كان يتمتع بالعمرة إلى الحج فيهدي، ومن أهدى أو ضحى لم يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحي عند طائفة من أهل العلم) (٣) فتح الباري (١٠/ ٣٥٠). (٤) أخرجه مالك (١٩٠)، والجَلَمان: شفرتا الجلم وهو الذي يجز به الشعر والصوف. انظر: لسان العرب (١٢/ ١٠٢).