- أما تأويل (أل) في المشركين على أنها للعهد وأنها خاصة، مع أنه مخالف للأصل؛ فإن في قوله -عز وجل-: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ}(١)، ما يؤكد أن اللام للجنس، فجعل الغاية ألا تكون فتنة، وهي الشرك هنا في قول جمهور المفسرين، وأن يخلص الدين لله (٢)، وقوله:{وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً}(٣)، قال قتادة:(أمر بقتالهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله)(٤).
- ويؤيدهما قول من أوتي جوامع الكلم -صلى الله عليه وسلم-: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله»(٥)، وهو حديث متواتر (٦)، وفيه (جُعلت غاية المقاتلة وجود ما ذكر)(٧)، وليس كف القتال، فإنه (لم يقل: فإذا كفوا عنا أو اعتزلونا … فدل ذلك على أن المطلوب دخولهم في الإسلام وإلا فالسيف، إلا أهل الجزية)(٨)، وهي صريحة بالمراد.
- وأما جعل القتال في آية أهل الكتاب لعلة احتمال قتالهم للمسلمين
(١) من الآية (٣٩) من سورة الأنفال. (٢) انظر: تفسير ابن كثير (٤/ ٥٦). (٣) من الآية (٣٦) من سورة التوبة. (٤) تفسير الطبري (٢١/ ٨١). (٥) متفق عليه، أخرجه البخاري (٢٩٤٦)، ومسلم (٢١) عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، وجاء من حديث عمر وابن عمر وجابر وأنس -رضي الله عنهم- كلها في الصحيحين أو في أحدها، وجاء عن غيرهم خارج الصحيحين. (٦) قاله السيوطي، انظر: الفتح الكبير (١/ ٢٤٢)، وقال الألباني في الصحيحة (١/ ٧٧٠): (والحديث صحيح متواتر عن أبي هريرة وغيره من طرق شتى بألفاظ متقاربة). (٧) فتح الباري (١/ ٧٦). (٨) مجموع فتاوى ابن باز (٣/ ٢٠٠).