للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالوا: تعبد آلهتنا سنة: اللات والعزى، ونعبد إلهك سنة. قال: "حتى أنظر ما يأتي من عند ربي".

وكان لذلك سبب ذكره كثير من المفسرين عند قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٢)[الحج: ٥٢].

وذكروا قصة الغرانيق، وقد أحببنا الإضراب عن ذكرها صفحًا؛ لئلا يسمعها من لا يضعها على مواضعها (١).

إلا أن أصل القصة في "الصحيح".

روى البخاري دون مسلم عن ابن عباس قال:

فجاء الوحي من اللوح المحفوظ: ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ السورة، وأنزل اللَّه: ﴿قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ﴾ إلى قوله: ﴿فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ


(١) قلت: عبارة المصنف في (تفسير آية الحج) أصرح في رد القصة وأتم؛ حيث قال:
"قد ذكر كثير من المفسرين هاهنا قصة الغرانيق، وما كان من رجوع كثير من المهاجرة إلى أرض الحبشة؛ ظنًا منهم أن مشركي قريش قد أسلموا، ولكنها من طرق كلها مرسلة، ولم أرها مسندة من وجه صحيح. واللَّه أعلم".
قلت: وقد حققت ذلك رواية ودراية بما لم أسبق إليه -فيما علمت- في رسالتي "نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق"، وهي مطبوعة، فلتراجع فإنها هامة. ولا بد من التنبيه هنا إلى خطأ فاحش وقع فيه الشيخ (أبو زهرة)؛ حيث عزا في موضعين من كتابه (١/ ٤١٥ و ٤١٧) قصة الغرانيق هذه لـ"صحيح البخاري"! وإنما عنده ما يأتي قريبًا مما لا صلة له بها!

<<  <   >  >>