وهذا الجدل الذي سلكوه باطل، وهم يعلمون ذلك؛ لأنهم قوم عرب، ومن لغتهم أن (ما) لما لا يعقل، فقوله: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾: إنما أريد بذلك ما كانوا يعبدونه من الأحجار التي كانت صور أصنام، ولا يتناول ذلك الملائكة الذين زعموا أنهم يعبدونهم في هذه الصور، ولا المسيح، ولا عزيرًا، ولا أحدًا من الصالحين؛ لأن الآية لا تتناولهم لا لفظًا ولا معنى.
فهم يعلمون أن ما ضربوه بعيسى ابن مريم من المثل جدل باطل؛ كما قال اللَّه تعالى: ﴿مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾.
(١) علقه ابن إسحاق في "السيرة" (١/ ٣٨٤ - ٣٨٦)، ومن طريقه رواه ابن جرير في "التفسير" (١٧/ ٩٦ - ٩٧)، ثم وصله من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس به مختصرًا دون آية الملائكة. وكذلك أخرجه الحاكم (٢/ ٣٨٤ - ٣٨٥) من طريق عكرمة عنه، وقال: "صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي، وذكره المؤلف في "التفسير" من رواية ابن مردويه والضياء في "المختارة" من طريق أخرى عن عكرمة به أتم منه. وكذا ذكره السيوطي في "الدر" (٤/ ٣٣٨)، وزاد أنه أخرجه أبو داود في "ناسخه" وابن المنذر وابن مردويه والطبراني من وجه آخر عن ابن عباس به أتم منه.