قال ابن إسحاق: وجلس الرسول ﷺ فيما بلغنا- يومًا مع الوليد بن المغيرة في المسجد، فجاء النضر بن الحارث حتى جلس معهم، وفي المجلس غير واحد من رجال قريش.
فتكلم رسول اللَّه ﷺ، فعرض له النضر، فكلمه رسول اللَّه ﷺ حتى أفحمه، ثم تلا عليه وعليهم: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (٩٨) لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (٩٩) لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ (١٠٠)﴾ [الأنبياء: ٩٨ - ١٠٠].
ثم قام رسول اللَّه ﷺ، وأقبل عبد اللَّه بن الزَّبَعْرَى السهمي حتى جلس.
فقال الوليد بن المغيرة له: واللَّه؛ ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب آنفًا وما قعد، وقد زعم محمد أنَّا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم!
فقال عبد اللَّه بن الزَّبَعْرَى: أما -واللَّه- لو وجدته لخصمته، فسلوا محمدًا: أكل من يعبد من دون اللَّه حصب جهنم مع من عبده؟ فنحن نعبد الملائكة، واليهود تعبد عزيرًا، والنصارى تعبد عيسى.
فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول ابن الزبعرَى، ورأوا أنه قد احتج وخاصم.
فذكر ذلك لرسول اللَّه ﷺ. . . فأنزل اللَّه تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (١٠٢)﴾ [الأنبياء: ١٠١ و ١٠٢]؛ أي: عيسى ابن مريم، وعزيرًا، ومن عبد من الأحبار والرهبان الذين مضوا على طاعة اللَّه تعالى.