وفد هوازن بالجعرانة وقد أسلموا، فقالوا: يا رسول اللَّه! إنا أهل (١) وعشيرة، وقد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك، فامنن علينا مَنَّ اللَّه عليك. وقام خطيبهم زهير بن صرد فقال: يا رسول اللَّه! إن ما في الحظائر من السبايا خالاتك وحواضنك اللاتي كنَّ يكفلنك، فلو أنا ملحنا ابن أبي شمر، أو النعمان بن المنذر، ثم أصابنا منهما مثل الذي أصابنا منك؛ رجونا عائدتهما وعطفهما، وأنت خير المكفولين. ثم أنشد:
امنن علينا رسول اللَّه في كرم … فإنك المرء نرجوه وندخر
امنن على بيضة قد عاقها قدر … ممزق شملها في دهرها غِيَر
أبقت لنا الدهر هَتَافًا على حَزَن … على قلوبهم الغماء والغمر
إن لم تداركها نعماء تنشرها … يا أرجح الناس حلمًا حين يختبر
امنن على نسوة قد كنت ترضعها … إذْ فوك يملؤه من محضها درر
امنن على نسوة قد كنت ترضعها … وإذ يزينك ما تأتي وما تذر
إنا لنشكر للنعمى وإن كفرت … وعندنا بعد هذا اليوم مدخر (٢)
(١) في "السيرة": "أصل"، ولعله الصواب، فإنه كذلك عند الطبراني. (٢) "سيرة ابن هشام" (٤/ ١٣١)، ولم يذكر الشعر، وصرح عنده ابن إسحاق بالتحديث، فالسند حسن، وقد رواه الطبراني عن ابن إسحاق وفيه الشعر، ويشهد له ما بعده، وهما مخرجان في "الصحيحة" (٣٢٥٢).