في الكتب (١) وكلام أبي عبيد، ومالك، ترى النظر فيه؟ فقال: كل كتاب ابتدع فهو بدعة، أو كل كتاب محدث فهو بدعة، وأما ما كان من (٢) مناظرة، يخبر الرجل بما عنده، وما يسمع من الفتيا، فلا أرى به بأسًا، قيل له: فكتاب أبي عبيد "غريب الحديث"؟ قال: ذلك شيء حكاه عن قوم أعراب، قيل له: فهذه الفوائد التي فيها المناكير تَرى أن تكتب؟ قال: المنكر أبدًا منكر.
[[دلالة العالم للمستفتي على غيره]]
الفائدة الخامسة والعشرون: في دلالة العالم للمستفتي على غيره، وهو موضع خطر جدًا فلينظر الرجل ما يحدث من ذلك، فإنه متسبب بدلالته إما إلى الكذب على اللَّه ورسوله في أحكامه [أو](٣) القول عليه بلا علم فهو معين على الإثم والعدوان، وإما معين على البر والتقوى فلينظر الإنسان إلى من يدل عليه وليتق اللَّه [ربه](٤)، وكان شيخنا -قدس اللَّه روحه- شديد التجنب (٥) لذلك، ودللتُ مرَّةً بحضرته على مفت أو مذهب (٦)، فانتهرني، وقال: مالك وله؟ دعه [عنك] , ففهمتُ من كلامه: إنك لتبوء بما عساه يحصل له من الإثم، ولمن أفتاه، ثم رأيت هذه المسألة بعينها منصوصة عن الإِمام أحمد. قال أبو داود [في "مسائله"]: قلت لأحمد: الرجل يَسأل عن المسألة فأدلّه على إنسان يسأله؟ فقال (٧): إذا كان [يعني](٨) -الذي أرشد إليه (٩) متبعًا (١٠) ويفتي بالسنة، فقيل لأحمد: إنه يريد الاتِّباع وليس كل قوله يصيب، فقال أحمد: ومن يصيب في كل شيء؟ قلت له: فرأي مالك؟ فقال: لا تتقلد (١١) في مثل هذا بشيء (١٢).
قلت: وأحمد كان يدل على أهل المدينة ويدل على الشافعي ويدل على إسحاق (١٣).
(١) في المطبوع و (ك): "الكتاب". وفي "مسائل ابن هانئ": "كتاب". (٢) في (ق): "من". (٣) في (ق): "عن". (٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق). (٥) في (ق): "كثير التجنب". (٦) في (ق): "مذهب أو مفت"، وما بين المعقوفتين بعدها من (ق) فقط. (٧) في (ق): "قال". (٨) ما بين المعقوفتين سقط من (ق). (٩) في المطبوع: "أرشدته إليه"، وفي (ك): "ارشده إليه". (١٠) في (ت) و (ك): "يتبع". (١١) في (ك) و (ق): "نقلد". (١٢) سقط من (ك). (١٣) انظر في هذا: "تاريخ بغداد" (٦/ ٣٤٩) و"العدة" (٥/ ١٥٧٦، ١٥٧٢) و"المسودة" (٤٦٨).