وقد اطَّرد في كلام اللَّه ورسوله استعمالُ "لا ينبغي" في المَحْظُور شرعًا أو قدرًا، وفي المستحيل الممتنع كقوله تعالى:{وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا}[مريم: ٩٢] وقوله: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ}[يس: ٦٩]، وقوله:{وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ [وَمَا يَسْتَطِيعُونَ]}(١)[الشعراء: ٢١١] وقوله على لسان نبيه: "كذَّبَنِي ابنُ آدَمَ وما ينبغي له، وشتمني ابن آدم وما ينبغي له"(٢). وقوله - صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه لا يَنَامُ ولا ينبغي له أن ينام"(٣) وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في لباس الحرير:"لا ينبغي هذا للمتقين"(٤) وأمثال ذلك (٥).
[[ما يقوله المفتي فيما اجتهد فيه]]
والمقصود أن اللَّه [سبحانه](١) حَرَّمَ القول عليه بلا علم في أسمائه، وصفاته، وأفعاله، وأحكامه، والمفتي يخبر عن اللَّه [عز وجل](١) وعن دِينه، فإن لم يكن خبره مطابقًا لما شَرَعَه (٦) كان قائلًا عليه بلا علم، ولكن إذا اجتهدَ واستفرغ وُسْعَه في معرفة الحق وأخطأ لم يلحقه الوعيد، وعفى له [عن ما](٧) أخطأ به، وأثيب على اجتهاده، ولكن لا يجوز أن يقول لما أداه إليه اجتهاده، ولم يظفر فيه بنص عن اللَّه ورسوله (٨): إن اللَّه حرم كذا، وأوجب كذا، وأباح كذا، أو (٩) إن هذا هو حكم اللَّه؛ قال ابن وَضَّاح: ثنا يوسف بن عَديّ، ثنا
(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق). (٢) رواه البخاري (٣١٩٣) في (بدء الخلق) أوله، و (٤٩٧٤) في تفسير سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} باب (١)، و (٤٩٧٥) باب قوله: {اللَّهُ الصَّمَدُ} من حديث أبي هريرة. (٣) رواه مسلم في "الصحيح" (كتاب الإيمان): باب قوله -عليه السلام-: "إن اللَّه لا ينام" (١/ ١٦١ - ١٧٩/ ١٦٢) من حديث أبي موسى الأشعري. (٤) رواه البخاري (٣٧٥) في (الصلاة): باب من صلى في فروج حرير ثم نزعه، و (٥٠٨١) في (اللباس): باب القباء وفروج حرير هو القباء، ومسلم (٢٠٧٥) في (اللباس والزينة): باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة، من حديث عقبة بن عامر. (٥) انظر: "بدئع الفوائد" (٤/ ٣)، و"الداء والدواء" (ص ١٩٤). (٦) في (ق) بعدها: "اللَّه". (٧) في (ق): "عما". (٨) في (ق): "وعن رسوله صلى اللَّه عليه وسلم". (٩) في المطبوع و (ك) و (ق): "و".