[عنها](١) لكانت عفوًا، ومنه قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد سُئل عن الحج-: "أفي كُلِّ عام؟ فقال: لو قُلتُ نعم لوجبت، ذَرُوني ما تركتكم، فإنما هَلَكَ مَنْ كان قبلكم بكثرة مَسَائِلِهم (٢) واخِتلافِهِم على أَنْبِيائِهم"(٣)؛ ويدل على هذا التأويل حديثُ أبي ثعلبة [المذكور](٤)"إن أعظم المسلمين في المسلمين جُرْمًا [من سَئل عن شيء لم يُحرّم، فحُرِّم من أجل مسألته"(٥)]، ومنه الحديث الآخر:"إن اللَّه فَرَضَ فرائض فلا تضيِّعوها، وحد حدودًا فلا تَعْتَدُوها، وحَرَّم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمةً لكم [من](٦) غير نِسْيَانٍ فلا تبحثوا عنها"(٧) وفُسِّرت بسؤالهم عن أشياء من الأحكام القدرية؛ كقول عبد اللَّه بن حُذَافة:"مَنْ أبي يا رسول اللَّه؟ "(٨)، وقول آخر:"أيْنَ أبي (٩) يا رسول اللَّه؟ " قال: "في النار"(١٠).
[[توضيح معنى آية النهي عن السؤال]]
والتحقيق أن الآية تعم النهيَ عن النوعين، وعلى هذا فقوله تعالى: {إِنْ تُبْدَ
(١) ما بين المعقوفتين من (ق). (٢) في (ن): "فإنما أهلك الذين قبلكم كثرة مسائلهم". (٣) أخرجه البخاري في "الصحيح" (كتاب العمرة): باب عمرة التنعيم، (٣/ ٦٠٦/ رقم ١٧٨٥)، ومسلم في "صحيحه" (كتاب الحج): باب بيان الإحرام، وأنه يجوز إفراد الحج والتمتع والقران (٢/ ٨٨٣ - ٨٨٤/ رقم ١٢١٦)، من حديث جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه-. (٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ن). (٥) سيأتي تخريجه. وبدل ما بين المعقوفتين في المطبوع و (ك): "الحديث"، اختصارًا له. (٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ق). (٧) سيأتي تخريجه. (٨) رواه البخاري (٩٣) في (العلم) باب من برك على ركبتيه عند الإمام أو المحدث، و (٥٤٠) في (مواقيت الصلاة): باب وقت الظهر عند الزوال، و (٦٣٦٢) في (الدعوات): باب التعوذ من الفتن، و (٧٠٨٩) في (الفتن): باب التعوذ من الفتن، و (٧٢٩٤) في (الاعتصام): باب ما يكره من كثرة السؤال، ومسلم (٢٣٥٩) في (الفضائل) باب توقيره -صلى اللَّه عليه وسلم- وترك إكثار سؤاله، من حديث أنس بن مالك. (٩) في (ق): "أنا" بدل "أبي"، وأشار في الهامش إلى أن في نسخة ما أثبتناه. (١٠) أخرجه مسلم، (كتاب الإيمان): باب بيان أن من مات على الكفر فهو في النار (١/ ١٩١، رقم ٢٠٣)، وأبو داود (كتاب السنة): باب في ذراري المشركين (٤/ ١٩١)، والجورقاني في "الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير" (١/ ٢٣٢ - ٢٣٣).