قال: واحتجوا أيضًا (١) بما رواه ابن شِهَاب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص أنه سمع أباه يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "أعْظَمُ المسلمين في المسلمين جُرْمًا مَنْ سأل عن شيء لم يُحرَّم على المسلمين فحرَّم عليهم من أجل مسألته"(٢).
وروى ابن وهب أيضًا قال: حدثني ابن لَهيعة، عن الأعرج، عن أبي هريرة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"ذَرُوني ما تركتكم؛ فإنما أهلك (٣)[من كان قبلكم بكثرة](٤) سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشيء فَخُذُوا منه ما استطعتم"(٥).
وقال سفيان بن عُيَيْنة، عن عمرو، عن طاوس قال: قال عمر بن الخطاب [-رضي اللَّه عنه-](٦) وهو على المنبر: أحَرِّجُ باللَّه على [كل](٧) امرئ سأل عن شيء لم يكن، فإن اللَّه [عز وجل](٨) قد بَيَّين ما هو كائن (٩).
[[سؤال الصحابة عما ينفع]]
وقال أبو عمر: وروى جَرير (١٠) بن عبد الحميد ومحمد بن فُضَيْل عن عطاء بن السَّائب، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس قال: ما رأيت قومًا خَيْرًا من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ما سألوه إلا عن ثلاث عشرة مسألة حتى قبض -صلى اللَّه عليه وسلم-، كلهن في القرآن:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ}، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ}، {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى} ما كانوا يسألونه إلا عما ينفعهم (١١).
(١) في (ك) و (ق): "له". (٢) سيأتي تخريجه. (٣) كذا في "الجامع" وفي سائر النسخ "هلك". (٤) في "الجامع": "الذين من قبلكم". (٥) الحديث متفق عليه، وسيأتي تخريجه قريبًا. (٦) ما بين المعقوفتين من "الجامع". (٧) "التحريج: التضييق، وتحرج: أي تأثم" (د) و (ط) و (ح)، وما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك) وسقطت لفظة: "باللَّه" من (ك) و (ق). (٨) ما بين المعقوفتين من "الجامع". (٩) تقدم تخريجه وانظر الكلام المنقول بطوله عن ابن عبد البر في "الجامع" (٢/ ١٠٥٩ - ١٠٦١). (١٠) في (ك) و (ق): "جبير" وقال في هامش (ق): "لعله جرير". (١١) أخرجه الدارمي في "السنن" (١/ ٥١)، والطبراني في "الكبير" (١١/ ٤٥٤/ رقم ١٢٢٨٨)، وابن بطة في "الأبانة" (رقم ٢٩٦) من طريق محمد بن فضيل، عن عطاء به، بألفاظ متقاربة. =