فهذا جابر بن عبد الله ﵁ قد كره أن يسلم على المصلي وقد كان سلم على رسول الله ﷺ وهو يصلي، فأشار إليه. فلو كانت الإشارة التي كانت من النبي ﷺ ردًا للسلام عليه إذًا لما كره ذلك، لأن رسول الله ﷺ لم ينهه عنه، ولكنه إنما كره ذلك لأن إشارة رسول الله ﷺ تلك كانت عنده نهيا منه له عن السلام عليه وهو يصلي.
فإن قال قائل: فقد قال جابر ﵁ في حديثكم هذا "ولو سلّم علي لرددت".
قيل له: أفقال جابر "لرددت في الصلاة"؟ قد يجوز أن يكون أراد بقوله:"لرددت" أي: بعد فراغي من الصلاة. وقد دل على ذلك من مذهبه ما
٢٤٥٣ - حدثنا علي بن زيد قال: ثنا موسى بن داود، قال: ثنا همام، قال: سأل سليمان بن موسي عطاء: أسألت جابرا ﵁ عن الرجل يسلم عليك وأنت تصلي؟ فقال: لا ترد عليه حتى تقضي صلاتك؟ فقال: نعم (١).
قال أبو جعفر: فدل ذلك أن الرد الذي أراد جابر ﵁ في الحديث الأول هو الرد بعد الفراغ من الصلاة فقد وافق ذلك ما روي عن رسول الله ﷺ ودل من معناه على ما ذكرناه.
وقد روي عن ابن عباس ﵄ في هذا نحو من ذلك.
(١) إسناده حسن: من أجل سليمان بن موسى القرشي. وأخرجه ابن المنذر في الأوسط (١٦٠٠) من طريق سفيان، عن همام به.