يخبر تعالى بعلمه غيب السحاوات والأرض، وأنه يعلم ما تكنه السرائر وتنطوي عليه الضمائر، وسيجازي كل عامل بعمله.
ثم قال: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ﴾، أي: يخلف قوم الآخرين قبلهم، وجيل لجيل قبلهم، كما قال: ﴿وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ﴾، ﴿فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيهِ كُفْرُهُ﴾، أي: فإنما يعود وبال ذلك على نفسه دون غيره، ﴿وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إلا مَقْتًا﴾، أي: كلما استمروا على كفرهم أبغضهم اللَّه، وكلما استمروا فيه خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، بخلاف المؤمنين فإنهم كلما طال عمر أحدهم وحَسُن عمله؛ ارتفعت درجته ومنزلته في الجنة وزاد أجره، وأحبه خالقه وبارئه رب العالمين.
يقول تعالى لرسوله ﷺ أن يقول للمشركين: ﴿أَرَأَيتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾، أي: من الأصنام والأنداد، ﴿أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ﴾؟ أي: ليس لهم شيء من ذلك، ما يملكون من قطمير.
وقوله [٢]: ﴿أَمْ آتَينَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ﴾، أي: أم أنزلنا عليهم كتابًا بما يقولونه من الشرك والكفر؟ ليس الأمر كذلك، ﴿بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إلا غُرُورًا﴾، أي: بل إنما اتبعوا في ذلك أهواءهم وآراءهم وأمانيهم التي تمنوها لأنفسهم، وهي غرور وباطل وزور.