للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليس بفظٍّ ولا غليظ ولا سخاب [١] [بالأسواق] [٢]، لو يمر إلى جنب سراج لم يطفئه، من سكينته، ولو يمشي على القصب لم يسمع من تحت قدميه [٣]، أبعثه مبشرًا ونذيرًا، لا يقول الخنا، أفتح به أعينًا كُمهًا، وآذانًا صمًّا، وقلوبًا غلفًا، أسَدده لكل أمر جميل، وأهب له كل خلق كريم، وأجعل السكينة لباسه، والبر شعاره، والتقوى ضميره، والحكمة منطقه، والصدق والوفاء طبيعته، والعفو والمعروف خلقه، والحق شريعته، والعدل سيرته، والهدى إمامه، والإسلام ملته، وأحمدَ اسمه، أهدي به بعد الضلالة، وأعلم به بعد الجهالة، وأرفع به بعد الخَمَالة، وأعرف به بعد النَّكْرَة، وأكثر به بعد القلة، وأغني به بعد العَيلَة، وأجمع به بعد الفرقة، وأؤلف به بين أمم متفرقة، وقلوب مختلفة، وأهواء متشتتة، وأستنقذ به فئامًا من الناس عظيمة من الهلكة، وأجعل أمته خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، موحدين مؤمنين مخلصين، مصدقين لما جاءت به رسلي، ألهمهم التسبيح والتحميد، والثناء والتكبير والتوحيد، في مساجدهم ومجالسهم، ومضاجعهم ومنقلبهم ومثواهم، يصلون لي قيامًا وقعودًا، ويقاتلون في سبيل الله صفوفًا وزحوفًا، ويخرجون من ديارهم ابتغاء مرضاتى ألوفًا، يطهرون الوجوه والأطراف، ويشدون الثياب في الإنصاف، قربانهم دماؤهم، وأناجيلهم في صدورهم، رهبان بالليل ليوث بالنهار، وأجعل في أهل بيته وذريته السابقين، والصديقين والشهداء والصالحين، أمته من بعده يهدون بالحق وبه يعدلون، أعز من نصرهم، وأؤيد من دعا لهم، وأجعل دائرة السوء على من خالفهم أو بغى عليهم، أو أراد أن ينتزع شيئًا مما في أيديهم، أجعلهم ورثة لنبيهم، والداعية إلى ربهم، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويوفون بعهدهم، أختم بهم الخير الذي بدأته بأولهم، ذلك فضلي أوتيه من أشاء، وأنا ذو الفضل العظيم".

هكذا رواه ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه اليماني .

ثم قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن بن صالح، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله العَرزَميّ [٤]، عن شيبان النحوي، أخبرني قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما نزلت: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾ - وقد كان أمر عليًّا ومعاذًا أن يسيرا إلى اليمن- فقال: "انطلقا فبشرا ولا تنفرا، ويسرا ولا تعسرا، إنه قد أنزل علي: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾.

ورواه الطبراني (١٤٩) عن محمد بن نصر بن حميد البزاز البغدادي، عن عبد الرحمن بن


(١٤٩) المعجم الكبير (١١/ ٣١٢)، وقال الهيثمي في المجمع (٧/ ٩٢): "وفيه عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله العرزمي وهو ضعيف".