هُبيرة، عن عبد الرحمن بن جبير، قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: خرج علينا رسول الله ﷺ يومًا كالمودِّع، فقال:"أنا محمد النبيُّ [١] الأميُّ - ثلاثًا - ولا نبي بعدي أوتيت فواتح الكلم وجوامعه وخواتمه، وعلمت كم خزنة النار وحملة العرش، وتجوز بي، [وعُوفيتُ وعُوفيت][٢] أمتي؛ فاسمعوا وأطيعوا ما دمت فيكم، فإذا ذُهب بي فعليكم بكتاب الله، أحلوا حلاله وحرموا حرامه". تفرد به الإِمام أحمد.
ورواه أحمد أيضًا (١٣٥) عن يحيى بن إسحاق، عن ابن لهيعة، عن عبد الله بن هُبيرة، عن عبد الله (٥) بن مريج [٣] الخولاني عن أبي قيس -مولى عمرو بن العاص - عن عبد الله بن عمرو، فذكر مثله سواء.
والأحاديث في هذا كثيرة، فمن رحمة الله تعالى بالعباد إرسال محمد ﷺ إليهم، ثم من تشرف له ختم الأنبياء والمرسلين به، وإكمال الدين الحنيف له. وقد أخبر تعالى في كتابه، ورسوله في السنة المتواترة عنه: أنَّه لا نبي بعده ليعلموا [٤] أن كل من ادعى هذا المقام بعده فهو كذاب أفاك، دجال ضال مضل، ولو تخرق [٥][**] وشعبذ، وأتي بأنواع السحر والطلاسم والنيرجيات (* * *)، فكلها محال وضلال عند أولي الألباب، كما أجرى الله ﷾ على يدي [٦] الأسود العَنْسي باليمن، ومسيلمة الكذاب باليمامة، من الأحوال الفاسدة والأقوال الباردة، ما علم كل ذي لب وفهم وحجيّ أنهما كاذبان ضالان، لعنهما الله. وكذلك كل مدع لذلك [٧] إلى يوم القيامة حتَّى تموا بالمسيح الدجال، يخلق الله معه من الأمور ما يشهد العلماء والمؤمنون بكذب من جاء بها. وهنا من تمام لطف الله تعالى بخلقه، فإنهم بضرورة الواقع لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر إلَّا على سبيل الاتفاق، أو لما لهم فيه من المقاصد إلى غيره، ويكون في غاية الإفك والفجور في أقوالهم وأفعالهم، كما قال تعالى: ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (٢٢١) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ … ﴾ الآية. وهذا بخلاف حال الأنبياء ﵈ فإنهم في غاية البر والصدق
(١٣٥) - المسند (٢/ ١٧٢) (٦٦٠٦ - شاكر). (*) كذا، وقد أورده كل من ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٥/ ٢٨٧) والذهبي في الميزان (٣/ ٣٠٣)، وابن حجر في اللسان (٣/ ٥٢٩): عبد الرحمن، وكلاهما صحيح. (**) تخرق الكذب: اختلقه. (* * *) قال في القاموس - النُّيرَج: أخذ كالسحر.