للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكان يقال لـ: "زيد بن محمد"، فلما قطع الله هذه النسبة بقوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (٤) ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾، ثم زاد ذلك بيانًا وتأكيدًا بوقوع تزويج رسول الله بزينب بنت جحش لما طلقها زيد بن حارثة ولهذا قال في آية التحريم: ﴿وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾ ليحترز من الابن الدعي؛ فإن ذلك كان كثيرًا فيهم.

وقوله: ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا﴾ أي: وكان هذا الأمر الذي وقع قد قدره الله تعالى وحَتَّمه، وهو كائن لا محالة، كانت زينب في علم الله ستصير من أزواج النبي .

﴿مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (٣٨)

يقول تعالى: ﴿مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ﴾، أي: فيما أحل له وأمره به من تزويج زينب التي طلقها دَعيه زيد بن حارثة.

وقوله: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ﴾، أي: هذا حكم الله في الأنبياء قبله، لم يكن ليأمرهم بشيء وعليهم في ذلك حَرَج، وهذا رَدٌّ على من تَوَهم من المنافقين نقصًا في تزويجه امرأة زيد مولاه ودَعيه الذي كان قد تبناه.

﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا﴾، أي: وكان أمره الذي يقدره كائنًا لا محالة، وواقعًا لا محيد عنه ولا معدل، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن.

﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إلا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (٣٩) مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمًا (٤٠)

يمدح تعالى: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ﴾، أي: إلى خلقه ويؤدونها [١] بأمانتها، ﴿وَيَخْشَوْنَهُ﴾ أي: يخافونه ولا يخافون أحدًا سماه، فلا تمنعهم [٢] سطوة أحد عن إبلاغ رسالات الله، ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا﴾، أي: وكفى بالله ناصرًا ومعينًا. وسيد الناس في هذا المقام -


[١]- في ز، خ: "ويؤديها".
[٢]- في ز، خ: "يمنعهم".