البدن". أي: تزكِّيه وتطهره وتنقِّيه من الأخلاط الرديئة طبعًا وشرعًا.
قال [١] سعيد بن جبير: من صام رمضان، وثلاثة أيام من كل شهر؛ دخل في قوله: ﴿وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ﴾.
ولما كان الصوم من أكبر العون على كسر الشهوة -كما قال رسول الله ﷺ: "يا معشر الشباب؛ من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" (١٠٦) - ناسب أن يذكر بعده: ﴿وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ﴾، أي: عن المحارم والمآثم إلَّا عن المباح، كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾ ".
وقوله ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ﴾: قال ابن أبي حاتم: حدَّثنا أبي، حدَّثنا هشام بن عبيد الله، حدَّثنا محمد بن جابر، عن علي بن الأقمر، عن الأغر أبي مسلم، عن أبي سعيد الخدري ﵁ أن رسول الله ﷺ قال:"إذا أيقظ الرجل امرأته من الليل، فصليا ركعتين، كتبا [٢] تلك الليلة من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات".
وقد رواه أَبو داود والنَّسائي وابن ماجة (١٠٧)، من حديث الأعمَش عن الأغر أبي مسلم، عن أبي سعيد وأبي هريرة، عن النبي ﷺ، بمثله.
وقال الإِمام أحمد (١٠٨): حدَّثنا حسن، حدَّثنا ابن لهيعة، حدَّثنا دَرّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري ﵁ أنَّه قال: قلت: يا رسول الله؟ أيّ العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة؟ قال: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ﴾ قال [٣]: قلت: يا رسول الله؛ ومن الغازي في سبيل الله؟ قال: "لو ضرب بسيفه في الكفار والمشركين حتَّى
(١٠٦) - تقدم تخريجه في تفسير البقرة الآية (١٨٣). (١٠٧) - سنن أَبي داود في الصلاة، باب: قيام الليل، حديث (١٣٩٠) وفي باب: الحث على قيام الليل، حديث (١٤٥١)، والنَّسائي في قيام الليل، باب: ثواب من استيقظ وأيقظ امرأته فصليا حديث (١٣١٠)، وابن ماجة في إقامة الصلاة والسنة فيها باب: ما جاء فيمن أيقظ أهله من الليل، حديث (١٣٣٥) من طريق شيبان عن الأعمَش به. (١٠٨) - المسند (٣/ ٧٥)، وأخرجه التِّرمِذي في الدعاء، حديث (٣٣٧٦) عن قتيبة عن ابن لهيعة به. وقال الترمذي: حديث غريب إنما نعرفه من حديث دراج.