للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سلمة: يا رسول الله؛ يذكر الرجال ولا نذكر؟ فأنزل الله: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ. . .﴾ الآية.

(حديث آخر) قال ابن جرير (٩٨): [حدَّثنا أبو كريب، قال] [١]: حدَّثنا سنّان [٢] بن مظاهر العَنَزي [٣]، حدَّثنا أبو كدينة يحيى بن المهلب، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عبَّاس قال: قال النساء للنبي : ما له - يذكر المؤمنين ولا يذكر المؤمنات؟ فأنزل الله: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ. .﴾ الآية.

وحدثنا بشر (٩٩)، حدَّثنا يزيد، حدَّثنا سعيد، عن قَتَادة، قال: دخل نساء على نساء النبيّ ، فقلن: قد ذكَركُن الله في القرآن، ولم نُذكَر بشيء، أما فينا ما يذكر [٤]؟ فأنزل الله ﷿: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ. .﴾ الآية.

فقوله: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ دليل على أن الإيمان غير الإِسلام، وهو أخص منه، لقوله تعالى: (﴿قَالتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾. وفي الصحيحين (١٠٠) " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" فسلبه [٥] الإيمان، ولا يلزم من ذلك كفره بإجماع المسلمين، فدل على أنَّه أخص [٦] منه كما قررناه في أول شرح البخاري.

﴿وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ﴾ القنوت: هو الطاعة في سكون، ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾، وقال تعالى: ﴿وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ﴾ ﴿يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾. ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ فالإِسلام بعده مرتبة يرتقى إليها، ثم القنوت ناشيء عنهما.

﴿وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ﴾ هذا في الأقوال، فإن الصدق خَصلة محمودة؛ ولهذا كان بعض الصحابة لم تُجرب عليه كِذْبة لا في الجاهلية ولا [في الإِسلام] [٧]، وهو علامة على الإِيمان، كما أن الكذب أمارة على النفاق، ومن صدق نجا، ["عليكم بالصدق، فإن


(٩٨) - تفسير الطَّبري (٢٢/ ١٠)، وأخرجه الطبراني في الكبير (١٢/ ١٠٨) (١٢٦١٤) من طريق قابوس به. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٧/ ٩٤): فيه قابوس وهو ضعيف وقد وثق وبقية رجاله ثقات.
(٩٩) - تفسير الطَّبري (٢٢/ ١٠).
(١٠٠) - تقدم تخريجه في تفسير المائدة الآية (٩١).