للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن أبيه، عن علي : أن رسول الله خَيّر نساءه الدنيا والآخرة، ولم يخيرهن الطلاق.

وهذا منقطع، وقد رُوي عن الحسن وقتادة وغيرهما نحو ذلك. وهو خلاف الظاهر من الآية، فإنه قال: ﴿فَتَعَالينَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾ أي: أعطيكن حقوقكن، وأطلق سراحكن.

وقد اختلف العلماء في جواز تزويج غيره لهن لو طلقهن، على قولين، وأصحهما: نعم لو وقع، ليحصل المقصود من السراح، والله أعلم.

قال عكرمة: وكان تحته يومئذ تسع نسوة، خمس من قريش: عائشة، وحفصة، وأم حبيبة، وسودة، وأم سلمة، وكانت تحته صفية بنت حُييّ النَّضَريَّة، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وزينب بنت جحش الأسدية، وجويرية بنت الحارث المصطلقية، وأرضاهن.

﴿يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَينِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (٣٠) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَينِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (٣١)

يقول تعالى واعظًا نساء النبي اللاتي اخترن الله ورسوله والدار الآخرة، واستقر أمرهن تحت رسول الله أن يخبرهن [١] بحكمهن دون سائر النساء، بأن [٢] من يأت منهن بفاحشة مبينة -قال ابن عباس: وهي النشوز وسوء الخلق- وعلى كل تقدير فهو شرط، والشرط لا يقتضي الوقوع، كقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾، وكقوله: ﴿وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ ﴿قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (٨١)﴾ ﴿لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٤)﴾ فلما كانت محلتهن رفيعة، ناسب أن يجعل الذنب لو وقع منهن مغلظًا، صيانة لجنابهن وحجابهن الرفيع؛ ولهذا قال: ﴿مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَينِ﴾. قال مالك عن زيد بن أسلم: ﴿يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَينِ﴾. قال: في الدنيا والآخرة.

وعن ابن أبي نجيح، [عن مجاهد] [٣] مثله.


[١]- في ز، خ: "يخترن".
[٢]- في ز، خ: "فإن".
[٣]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز.