للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لباسه، والبر شعاره، والتقوى ضميره، والحكمة منطقه؛ والصدق والوفاء طبيعته، والعفو والمعروف خلقه، والحق شريعته، والعدل سيرته، والهدى إمامه، والإِسلام ملته، وأحمد اسمه، أهدي به بعد الضلالة، وأعلم به من الجهالة، وأرفع به بعد الخمالة، وأعرف به بعد النكرة، وأكثر به [١] بعد القلة، وأغنى به [٢] بعد العيلة، وأجمع به بعد الفرقة، وأؤلف به بين أمم متفرقة، وقلوب مختلفة، وأهواء مشتتة [٣]، وأستنقذ به فئامًا من الناس عظيمًا من الهلكة، وأجعل أمته خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، موحدين مؤمنين، مخلصين مصدقين بما جاءت به رسلي. رواه ابن أبي حاتم (١٨٢).

﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٥٥)

هذا وعد من الله تعالى لرسوله بأنه سيجعل أمته خلفاء الأرض، أي [٤] أئمة الناس والولاة عليهم؛ وبهم تصلح البلاد، وتخضع لهم العباد. [وليبدلنهم من] [٥] بعد خوفهم [من الناس] [٦] أمنًا وحكمًا فيهم، وقد فعل ذلك وله الحمد والمنة: فإنه لم يمت رسول الله حتَّى فتح الله عليه مكة وخيبر والبحرين وسائر جزيرة العرب، وأرض اليمن بكمالها، وأخذ الجزية من مجوس هجر ومن بعض أطراف الشام، وهاداه هرقل ملك الروم وصاحب مصر والإسكندرية وهو المقوقس، وملوك عمان والنجاشي ملك الحبشة الذي تملك بعد أصحمة، وأكرمه.

ثم لما مات رسول الله ، واختار الله له ما عنده من الكرامة قام بالأمر بعده خليفته أَبو بكر الصديق فلمَّ شعث ما وهي عند موته ، وأخذ [٧] جزيرة العرب ومهدها، وبعث [الجيوش الإِسلامية] [٨] إلى بلاد فارس [٩] صحبة خالد بن


(١٨٢) وروى عن عبد الله بن سلام وكعب الأحبار كما في الشفاء للقاضي عياض (١/ ١٥).