للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوليد ففتحوا طرفًا منها وقتلوا خلقًا من أهلها. وجيشًا آخر صحبة أَبي عبيدة ومن معه [١] من الأمراء إلى أرض الشام، وثالثا صحبة عمرو بن العاص إلى بلاد مصر؛ ففتح الله للجيش الشامي في أيامه [٢] بصرى ودمشق ومخاليفهما من بلاد حوران وما والاها، وتوفاه الله، ﷿، واختار له ما عنده من الكرامة ومنّ على [٣] الإِسلام [وأهله] [٤] بأن ألهم الصديق أن يستخلف عمر الفاروق فقام بالأمر [٥] بعده قيامًا تامًّا لم يدور الفلك بعد الأنبياء على مثله في قوة سيرته وكمال عدله. وتم في أيامه فتح البلاد الشامية بكمالها، وديار مصر إلى آخرها، وأكثر إقليم فارس. وكسر كسرى وأهانه غاية الهوان وتقهقر إلى أقصى مملكته، وقصر قيصر وانتزع يده عن بلاد الشام فانحاز [٦] إلى القسططنية، وأنفق أموالها [٧] في سبيل الله، كما أخبر بذلك ووعد به رسول الله؛ عليه من ربه أتم سلام وأزكى صلاة.

ثم لما كانت الدولة العثمانية امتدت الممالك الإسلامية إلى أقصى مشارق الأرض ومغاربها، ففتحت بلاد المغرب إلى أقصى ما هنالك الأندلس وقبرص، وبلاد القيروان وبلاد سبتة مما يلي البحر المحيط، ومن ناحية المشرق إلى أقصى بلاد الصين، وقتل كسرى وباد [٨] ملكه بالكلية، وفتحت مدائن العراق وخراسان والأهواز، وقتل المسلمون من الترك مقتلة عظيمة جدًّا؛ وخذل الله [٩] ملكهم الأعظم خاقان، وجُبى الخراج من المشارق والمغارب إلى حضرة أمير المؤمنين عثمان [بن عفان] [١٠] ، وذلك ببركة تلاوته ودراسته وجمعه الأمة على حفظ القرآن؛ ولهذا ثبت في الصحيح عن [١١] رسول الله أنَّه [١٢] قال: "إن الله زوى لي [١٣] الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها" (١٨٣)، فها نحن نتقلب فيما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله، فنسأل [١٤] الله الإِيمان به وبرسوله والقيام بشكره على الوجه الذي يرضيه عنا.

قال الإِمام مسلم بن الحجاج [في صحيحه] [١٥]: حَدَّثَنَا ابن أبي عمر، حَدَّثَنَا سفيان،


(١٨٣) صحيح مسلم حديث (٢٨٨٩) من حديث ثوبان، .