وقال عكرمة: ﴿وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾، قال: نذر الحج.
[وكذا روى الإمام أحمد وابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان في قوله: ﴿وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾ قال: نذور الحج][١]. فكل من دخل الحج [٢] فعليه من العمل فيه: الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة، وعرفة، والمزدلفة، ورمي الجمار، على ما أمروا به. وروي عن مالك [نحو هذا][٣].
وقوله: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيتِ الْعَتِيقِ﴾ قال مجاهد: يعني الطواف الواجب يوم النحر.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن أبي حمزة، قال: قال لي ابن عباس: أتقرأ سورة الحج؟ يقول [٤] الله تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا [٥] بِالْبَيتِ الْعَتِيقِ﴾، فإن آخر المناسك الطواف بالبيت العتيق [٦].
قلت: وهكذا صنع رسول الله، ﷺ، فإنه لما رجع إلى منى يوم النحر بدأ برمي الجمرة، فرماها بسبع حصيات، ثم نحر هديه وحلق رأسه، ثم أفاض فطاف بالبيت.
وفي الصحيح (١٠١) عن ابن عباس أنه قال: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت الطواف إلا أنه خفّف عن المرأة الحائض.
وقوله: ﴿بِالْبَيتِ الْعَتِيقِ﴾، فيه مستَدَلّ [٧] لمن [ذهب إلى أنه يجب][٨] الطواف من وراء الحجر؛ لأنه من أصل البيت الذي بناه إبراهيم، وإن كانت قريش قد أخرجوه من البيت، حين قصرت بهم النفقة. ولهذا طاف رسول الله، ﷺ، من وراء الحجر، وأخبر أن الحجر من البيت، ولم يستلم الركنين الشاميين، لأنهما لم يتمما على قواعد إبراهيم العتيقة، ولهذا قال ابن أبي حاتم (١٠٢):
حدثنا أبي، حدثنا ابن [٩] أبي عمر العدني [١٠]، حدثنا سفيان، عن هشام بن حجر،
(١٠١) صحيح البخاري، كتاب الحيض، حديث (٣٢٩)، وصحيح مسلم، كتاب الحج (١٣٢٨) من حديث ابن عباس ﵄. (١٠٢) ورواه ابن مردويه في تفسيره كما في الدر المنثور (٦/ ٤١).