عبدت من دون الله، فبين أنَّها تسجد لخالقها، وأنَّها مربوبة مسخرة، ﴿لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾.
وفي الصحيحين (٢٣) عن أبي ذر ﵁ قال: قال لي رسول الله ﷺ: "أتدري أين تذهب هذه الشمس؟ " قلت: الله ورسوله أعلم. قال:"فإنها تذهب فتسجد تحت العرش، ثم تستأمر فيوشك أن يقال لها: ارجعي من حيث جئت".
وفي المسند (٢٤) وسنن أبي داود والنَّسائي وابن ماجة في حديث الكسوف: "إن الشمس والقمر خلقان من خلق الله، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله ﷿ إذا تجلى لشيء من خلقه خشع له".
وقال أَبو العالية: ما في السماء نجم ولا شمس ولا قمر، إلا يقع لله ساجدًا حين يغيب، ثم لا ينصرف حتَّى يؤذن له، فيأخذ ذات اليمين حتَّى يرجع إلى مطلعه.
وأما الجبال والشجر فسجودها [١] بفيء ظلالها [٢] عن اليمين والشمائل.
وعن ابن عبَّاس قال: جاء رجل فقال: يا رسول الله؛ إني رأيتني [٣] الليلة وأنا نائم كأني أصلي خلف شجرة، فسجَدتُ فسجدت الشجرة لسجودي، فسمعتها [وهي][٤] تقول: اللهم اكتب لي بها عندك أجرًا، وضع عني بها وزرًا، واجعلها لي عندك ذخزًا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود.
(٢٣) - أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب: صفة الشمس والقمر الحديث (٣١٩٩) (٦/ ٢٩٧) وأطرافه في [٤٨٠٢، ٤٨٠٣، ٧٤٢٤، ٧٤٣٣]. ومسلم في كتاب الإيمان، باب: بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان الحديث (٢٥٠، ٢٥١/ ١٥٩). (٢٤) - أخرجه أحمد في مسنده (٤/ ٢٦٩) (١٤٤١٨) بهذا اللفظ من حديث النعمان بن بشير، ورواه في (٤/ ٢٦٧) وأَبو داود في كتاب الصلاة، باب: من قال: يركع ركعتين الحديث (١١٩٣) (٢/ ٣١٠) بلفظ: "كسفت الشمس على عهد رسول الله ﷺ فجعل يصلي ركعتين ركعتين ويسأل عنها حتَّى انجلت". والنَّسائي في كتاب الكسوف، باب نوع آخر (٣/ ١٤١). وابن ماجة في كتاب إقامة الصلاة، باب: ما جاء في صلاة الكسوف الحديث (١٢٦٢) (١/ ٤٠١). والبيهقي في السنن الكبرى (٣/ ٣٣٣). من طرق عن أبي قلابة عن النعمان بن بشير، فذكره. وقال البيهقي: هذا مرسل، أبو قلابة لم يسمعه من النعمان بن بشير إنما رواه عن رجل عن النعمان وليس فيه هذه اللفظة الأخيرة. ا. هـ