وقوله: ﴿وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ﴾، أي: القرآن ﴿آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾، أي: واضحات في لفظها ومعناها، حجة من الله على الناس ﴿وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ﴾، أي: يضل من يشاء، ويهدى من يشاء، وله الحكمة التامة، وله الحجة القاطعة في ذلك، و [١] ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ أما هو فلحكمته [٢] ووحمته وعدله وعلمه وقهره وعظمته لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب.
يخبر تعالى عن أهل هذه الأديان المختلفة من المؤمنين، ومن سواهم من اليهود و [٣] الصابئين، وقد قدمنا في سورة البقرة التعريفَ بهم واختلافَ الناس فيهم، والنصارى والمجوس والذين أشركوا، فعبدوا [غير الله معه][٤]؛ فإنه تعالى: ﴿يَفْصِلُ بَينَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ ويحكم بينهم بالعدل، فيدخل من آمن به الجنة، ومن كفر به إلى [٥] النار، فإنه تعالى شهيد على أفعالهم، حفيظ لأقوالهم، عليم بسرائرهم وما تُكِنّ ضمائرهم.
يخبر تعالى أنه المستحق للعبادة وحده لا شريك له فإنه يسجد لعظمته كل شيء طوعًا وكرهًا، وسجود [كل شيء مما][٦] يختص به، كما قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ﴾ وقال هاهنا: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ﴾، أي: من الملائكة في أقطار السماوات، والحيوانات في جميع الجهات؛ من الإنس والجن والدواب والطير، ﴿وَإِنْ مِنْ شَيءٍ إلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾.
وقوله: ﴿وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ﴾، وإنما ذكر هذه على التنصيص؛ لأنها قد
[١]- سقط من خ. [٢]- في ز: فلحمته. كذا. [٣]- سقط من ز. [٤]- في ت: "مع الله غيره". [٥]- سقط من ت. [٦]- في ز، خ: "كما".