وهم الذين عبدوا الله بما شرعه وأحبه ورضيه، وآثروا طاعة الله على طاعة الشيطان وشهوات أنفسهم.
وقوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا رَحْمَةً لِلْعَالمِينَ﴾. يخبر تعالى أن الله جعل محمدًا ﷺ رحمة للعالمين، أي: أرسله رحمة لهم كلهم، فمن قبل هذه الرحمة، وشكر هذه النعمة، سعد في الدنيا والآخرة، ومن ردها وجحدها خسر في الدنيا والآخرة، كما قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا [وَبِئْسَ][١] الْقَرَارُ﴾. وقال الله تعالى في صفة القرآن: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾.
وقال مسلم في صحيحه (٦٤): حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا مروان الفزاري، عن يزيد بن كيسان، عن ابن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قيل: يا رسول الله، ادع على المشركين. قال:"إني لم أبعث لعانًا، وإنما بعثت رحمة". انفرد بإخراجه مسلم.
وفي الحديث الآخر (٦٥): " إنما أنا رحمة مهداة". رواه عبد الله بن أبي عرابة وغيره، عن وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعًا. قال إبراهيم الحربي: وقد رواه غيره عن وكيع فلم يذكر أبا هريرة، وكذا قال البخاري، وقد سئل عن هذا الحديث فقال: كان عند حفص بن [غياث][٢] مرسلًا.
وقال الحافظ ابن عساكر: وقد رواه مالك [ابن سعير بن الخمس][٣] عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعًا. ثم ساقه من طريق أبي بكر بن المقري وأبي أحمد الحاكم، كلاهما عن بكر بن محمَّد بن إبراهيم [الصوفي][٤]، حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، عن أبي أسامة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن [قيس][٥] بن أبي حازم، عن
(٦٤) صحيح مسلم برقم (٢٥٥٩). (٦٥) رواه أبو الحسن السكري في "الفوائد المنتقاة" (٢/ ١٥٧). كما في السلسلة الصحيحة (١/ ٨٠٣) للألباني -حدثنا عبد الله بن محمَّد بن أسد، حدثنا حاتم بن منصور الشاشي قال: حدثنا عبد الله بن أبي عرابة الشاشي به. ورواه غيره متصلًا: فرواه عبد الله بن نصر الأصم، عن وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعًا. أخرجه =