يقول تعالى مخبرًا عما يفعله بالكفار سوم القيامة: إنه يعرض عليهم جهنم، أي: يبرزها لهم ويظهرها؛ ليروا ما فيها من العذاب والنكال قبل دخولها؛ ليكون ذلك أبلغ في تعجيل الهم والحزن لهم.
وفي صحيح مسلم (١٣٠) عن ابن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: "يؤتي بجهنم تقاد يوم القيامة بسبعين ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها [١] ".
ثم قال مخبرًا عنهم: ﴿الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي﴾. أي: تغافلوا وتعاموا وتصامّوا [٢] عن قبول الهدى، واتباع الحق، كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾، وقال هاهنا: ﴿وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا﴾، أي: لا يعقلون عن الله أمره ونهيه، ثم قال: ﴿أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ﴾، أي: اعتقدوا أنهم يصح له ذلك وينتفعون بذلك ﴿كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيهِمْ ضِدًّا﴾ ولهذا أخبر الله تعالى أنه قد [٣] أعدّ لهم جهنم سوم القيامة منزلًا.
= والحاكم (٤/ ٥٥٩)، وابن أبي الدنيا في "الأهوال" - (٥٠). وصححه الألباني في الصحيحة- (١٠٧٩) (٣/ ٦٦). (١٣٠) أخرجه مسلم -كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: في شدة حر نار جهنم وبعد قعرها … (٢٨٤٢). والترمذي -كتاب صفة جهنم، باب: ما جاء في صفة النار - (٢٥٧٣) (٤/ ٦٠٤) من طريق شقيق بن سلمة عن عبد الله بن مسعود … فذكره.