للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغيره، وأنه طاف مع الخليل بالبيت العتيق لما بيناه إبراهيم وقرب إلى الله قربانًا، وقد ذكرنا طرفًا صالحًا [١] من أخباره في كتاب "البداية والنهاية". بما فيه كفاية، ولله الحمد.

قال وهب بن منبه: كان مَلكًا، وإنّما سمي ذا القرنين، لأن [٢] صفحتي رأسه كانتا من نحاس. قال: وقال بعض أهل الكتاب: لأنه ملك الروم وفارس. وقال بعضهم: كان في رأسه شبه القرنين. وقال سفيان الثوري (١٠٦) عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل، قال: سئل علي عن ذي القرنين؟ فقال: كان عبدًا [ناصحًا لله]﷿ فَنَاصَحَه، دعا قومه إلى الله، فضربوه [٣] على قرنه فمات، فأحياه الله، فدعا قومه إلى الله فضربوه على قرنه فمات، فسمي ذا القرنين.

وكذا رواه شعبة (١٠٧) عن القاسم بن أبي بَزَّةَ عن أبي الطفيل سمع عليًّا يقول ذلك.

ويقال: إنما سمي ذا القرنين، لأنه بلغ المشارق والمغارب، من حيث يطلع قرن [٤] الشمس ويغرب.

وقوله: ﴿إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ﴾، أي: أعطناه ملكًا عظيمًا، متمكنًا فيه له من جميع ما يؤتى الملوك؛ من التمكين، والجنود، وآلات الحرب والحصارات؛ ولهذا ملك المشارق والمغارب من الأرض، ودانت له البلاد، وخضعت له ملوك العباد، وخدمته الأم من العرب والعجم؛ ولهذا ذكر بعضهم أنه إنما سمي ذا القرنين؛ لأنه بلغ قرني الشمس: مشرقها ومغربها.

وقوله: ﴿وَآتَينَاهُ مِنْ كُلِّ شَيءٍ سَبَبًا﴾ قال ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، والسدي، وقتادة، والضحاك، وغيرهم: يعني علمًا.

وقال قتادة أيضًا في قوله: ﴿وَآتَينَاهُ مِنْ كُلِّ شَيءٍ سَبَبًا﴾ قال: منازل الأرض، وأعلامها.


(١٠٦) إسناده صحيح، أخرجه ابن جرير في تفسيره - (١٦/ ٩). حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا يحيى، عن سفيان به.
(١٠٧) أخرجه ابن جرير في تفسيره (١٦/ ٩) حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة به.