حدثنا الحسن بن حبيب بن ندبة، حدثنا سلمة [١]، عن نعيم العنبري - وكان من جلساء الحسن - قال: سمعت الحسن -يعني البصري - يقول في قوله: ﴿وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا﴾ قال: لوح [من ذهب][٢] مكتوب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن؟! وعجبت لمن يوقن بالموت كيف يفرح؟! وعجبت لمن يعرف الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها؟! لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وحدثني (٩٨) يونس، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عبد الله بن عياش عن عمر [٣] مولى غفرة قال: إن الكنز الذي قال الله في السورة التي يذكر فيها الكهف: ﴿وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا﴾، قال [٤]: كان لوحًا من ذهب مصمت مكتوبًا [٥] فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، عجب [٦] لمن عرف الموت [٧] ثم ضحك!! عجب [٨] لمن أيقن بالقدر ثم نصب!! عجب [٩] لمن أيقن بالموت ثم أمن!! أشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
وحدثني (٩٩) أحمد بن حازم الغفاري، حدثنا هنادة بنت مالك الشيبانية، قالت: سمعت صاحبي حماد بن الوليد الثقفي، يقول: سمعت جعفر بن محمد يقول في قول الله تعالى: ﴿وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا﴾ قال: سطران ونصف لم يتم الثالث: عجبت للموقن بالرزق كيف يتعب! وعجبت للموقن بالحساب كيف يغفل! وعجبت للموقن بالموت كيف يفرح! وقد قال الله: ﴿وَإِنْ كَانَ مِثْقَال حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَينَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ قالت: وذكر أنهما حفظا بصلاح أبيهما، ولم يذكر منهما صلاح، وكان بينهما وبين الأب الذي حفظا به سبعة آباء، وكان نساجًا.
وهذا الذي ذكره هؤلاء الأئمة، وورد به الحديث المتقدم وإن صح، لا ينافي قول عكرمة إنه [١٠] كان مالًا؛ لأنهم ذكروا أنه كان لوحًا من ذهب وفيه مال جزيل، أكثر ما زادوا أنه كان مودعًا فيه علم [١١]: وهو حكم ومواعظ، والله أعلم.
(٩٨) انظر المصدر السابق. (٩٩) أخرجه ابن جرير في تفسيره - (٥/ ١٦).