يقول تعالى: وأي عباد الله أظلم ممن ذكر بآيات الله فأعرض عنها، أي: تناساها وأعرض عنها، ولم يصغ لها، ولا ألقى إليها بالًا ﴿ونسي مما قدمت يداه﴾، أي: من الأعمال السيئة والأفعال القبيحة ﴿إنا جعلنا على قلوبهم﴾ أي: قلوب هؤلاء ﴿أكنة﴾، أي: أغطية وغشاوة ﴿أن يفقهوه﴾، أي: لئلا يفهموا هذا القرآن والبيان، ﴿وفي آذانهم وقرًا﴾، أي: صممًا معنويا عن الرشاد ﴿وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذًا أبدًا﴾.
وقوله: ﴿وربك الغفور ذو الرحمة﴾، أي: و [١] ربك -يا محمد- غفور ذو رحمة واسعة، ﴿لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب﴾، كما قال: ﴿ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة﴾ وقال: ﴿وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب﴾ والآيات في هذا كثيرة.
ثم أخبر أنه يحلم ويستر ويغفر، وربما هدى بعضهم من الغي إلى الرشاد، ومن استمر منهم فله يوم يشيب فيه الوليد، وتضع كل ذات حمل حملها، ولهذا قال: ﴿بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلًا﴾ أي: ليس لهم عنه محيد ولا محيص ولا معدل.
وقوله: ﴿وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا﴾ أي: الأمم السالفة والقرون الخالية أهلكناهم بسبب كفرهم وعنادهم ﴿وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا﴾ أي. جعلناه إلى مدة معلومة ووقت معين، لا يزيد ولا ينقص، اي: وكذاك أنتم أبها المشركون، احذروا أن يصيبكم ما أصابهم، فقد كذبتم أشرف رسول وأعظم نبي، ولستم بأعز علينا منهم، فخافوا عذابي ونذر.