يحتمل أن تكون الباء هاهنا سببيةً، فتقديره: بسبب إيمانهم في الدنيا يهديهم الله يوم القيامة على الصراط المستقيم [١]، حتَّى يجوزوه ويخلصوا إلى الجنَّةَ، ويحتمل أن تكون للاستعانة، كما قال مجاهد في قوله: ﴿يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ﴾ قال: [يكون لهم نورًا يمشون به][٢].
[وقال ابن جريج في الآية][٣]: يمثل له عمله في صورة حسنة وريح طيبة، إذا قام من قبره يعارض [٤] صاحبه ويبشره [٥] بكل خير، فيقول له: من أنت؟ فيقول: أنا عملك. فيجعل له نورًا من بين يديه حتَّى يدخله الجنَّةَ، فذلك قوله تعالى: ﴿يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ﴾ والكافر يمثل له عمله في صورة سيئة وريحٍ منتنة، فيلازم [٦] صاحبه ويلَازُّه [٧] حتَّى يقذفه في النار. وروي نحوه عن قَتَادة مرسلًا، فالله أعلم.
وقوله: ﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ أي: هذا حال أهل الجنَّةَ.
وقال ابن جريج: أُخبرتُ أن قوله: ﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ﴾ [][٨] قال: إذا مر بهم الطير يشتهونه [قالوا: سبحانك اللهم، وذلك دعواهم، فيأتيهم الملك بما يشتهونه، [٩]، فيسلم عليهم فيردون عليه، فذلك قوله [١٠]: ﴿وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾. قال [١١]: فإذا أكلوا حمدوا الله ربَّهم، فذلك قوله: ﴿وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
وقال مقاتل بن حيان: إذا أراد [١٢] أهل الجنَّةَ أن يدعوا [١٣] بالطعام، قال أحدهم ﴿سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ﴾ قال: فيقوم على أحدهم عشرة آلاف خادم، مع كل خادم صحفة من ذهب فيها طعام ليس في الأخرى، قال: فيأكل منهن كلهن [١٤].
وقال سفيان الثَّوري: إذا أراد أحدهم أن يدعو بشيء قال: ﴿سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ﴾.
[١]- سقط من: ز. [٢]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز، خ. [٣]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز. [٤]- في ز: "تعارض". [٥]- في ز: "فيبشر". [٦]- في ت: "فيلزم". [٧]- في ز، خ: "ويُلَاده". و"ولازة": أي: لاصقة. [٨]- ما بين المعكوفتين في ز: "وذلك دعواهم فيها سبحانك اللهم". [٩]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز. [١٠]- سقط من: ز. [١١]- سقط من: ز، خ. [١٢]- في خ: "أرادوا". [١٣]- في ت: يدعو أحدهم. [١٤]- في ز: "كلهم".