يخبر تعالى نبيه، ﷺ، بأن هؤلاء المنافقين ليسوا أهلًا [١] للاستغفار، وأنه لو استغفر لهم، ولو [٢] سبعين مرة [فإن الله لا يغفر][٣] لهم.
وقد قيل: إن السبعين إنما ذكرت حسمًا لمادة الاستغفار لهم؛ لأن العرب في أساليب كلامها تذكر السبعين في مبالغة كلامها، ولا تريد التحديد بها، ولا أن يكون ما زاد عليها بخلافها.
وقيل: بل لها مفهوم، كما روى العوفي، عن ابن عباس، أن رسول الله، ﷺ، قال لما نزلت هذه الآية:"أسمع ربي قد رخص لي فيهم، فوالله، لأستغفرن لهم [٤] أكثر من سبعين مرة؛ لعل الله أن يغفر لهم" .. فقال الله من شدة غضبه عليهم: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ [لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ] إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ (١٧٩).
وقال الشعبي: لما ثقل عبد الله بن أبي، انطلق ابنه إلى النبي، ﷺ، فقال: ان أبي قد احتضر، فأحب أن تشهده وتصلي عليه. فقال له [٥] النبي،ﷺ:"ما اسمك؟ ". قال: الحباب بن عبد الله. قال:"بل أنت عبد الله بن عبد الله، إن الحباب اسم شيطان [٦] "[قال][٧] فانطق معه حتى شهده، وألبسه قميصه وهو عرق، وصلى عليه، فقيل له: أتصلي عليه [وهو منافق][٨]؟ فقال:"إن الله قال: ﴿إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً﴾ ولأستغفرن لهم سبعين وسبعين وسبعين".
وكذا روي عن عروة بن الزبير، ومجاهد بن جبر [٩]، وقتادة بن دعامة، رواها [١٠] ابن جرير بأسانيده (١٨٠).
(١٧٩) - تفسير ابن جرير (١٤/ ٣٨٨ - ٣٨٩) (١٧٠١٤). (١٨٠) - تفسير ابن جرير (١٤/ ٣٩٥ - ٣٩٧).