وقال الإِمام أبو جعفر بن جرير (١٦٢): حدثني أيوب بن إسحاق بن إبراهيم، حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس؛ قال: كان رسول الله، ﷺ، جالسًا في ظل شجرة، فقال:"إنه سيأتيكم إنسان فينظر [١]، إليكم بعيني [٢] الشيطان، فإذا جاء فلا تكلموه". فلم يلبثوا أن طلع رجل أزرق، فدعاه رسول الله،ﷺ فقال:"علام تشتمني أنت وأصحابك؟ ". فانطلق الرجل فجاء بأصحابه، فحلفوا بالله ما قالوا حتى تجاوز عنهم، فأنزل الله ﷿: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا﴾ الآية.
وقوله: ﴿وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا﴾ قيل: نزلت [٣] في الجلاس [بن سويد][٤]، وذلك أنه هم بقتل ابن امرأته حين قال: لأخبرن رسول الله، ﷺ، وقيل: في عبد الله بن أبي، هَمَّ بقتل رسول الله، ﷺ.
وقال السدي: نزلت في أناس أرادوا أن يتوجوا عبد الله بن أبي، وإن لم يرض رسول الله، ﷺ.
وقد ورد أن نفرًا من المنافقين هموا بالفتك [٥] بالنبى، ﷺ، وهو في غزوة تبوك في بعض تلك الليالي في حال السير، وكانوا [٦] بضعة عشر رجلًا. قال الضحاك: ففيهم نزلت هذه الآية.
وذلك بيّنٌ فيما رواه الحافظ أبو بكر البيهقي في كتاب "دلائل النبوة"(١٦٣) من حديث محمد بن إسحاق، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي [٧] البختري [٨]، عن حذيفة بن اليمان، ﵁، قال: كنت آخذًا [٩] بخطام ناقة رسول الله، ﷺ، أقود به، وعمار يسوق الناقة، أو أنا أسوقه وعمار يقوده، حتى إذا كنا بالعقبة، فإذا أنا باثني عشر راكبًا قد اعترضوه فيها، قال: فأنبهت رسول الله، ﷺ، بهم [١٠] فصرخ بهم فولوا مدبرين، فقال لنا رسول الله،ﷺ:"هل عرفتم القوم؟ " قلنا: لا يا رسول الله، قد كانوا متلثمين،
(١٦٢) - تفسير الطبري (١٤/ ٣٦٣) رقم (١٦٩٧٣). (١٦٣) - دلائل النبوة (٥/ ٢٦٠).