أخذني قومي، فقالوا: إنك امرؤ شاعر، فإن شئت أن تعتذر إلى رسول الله، ﷺ، ببعض العلة، ثم يكون ذنبًا تستغفر [١] الله منه … وذكر الحديث بطوله إلى أن قال: وكان ممن تخلف من المنافقين، ونزل فيه القرآن منهم، ممن كان مع النبي،ﷺ: الجلاس بن سويد ابن الصامت، وكان على أم عمير بن سعد، وكان عمير في حجره، فلما نزل القرآن، وذكرهم الله بما ذكر مما أنزل في المنافقين، قال الجلاس: والله لئن كان هذا الرجل صادقًا فيما يقول لنحن شر من الحمير. فسمعها عمير بن سعد فقال: والله يا جلاس، إنك لأحب الناس إلى، وأحسنهم عندي بلاء، وأعزهم على أن يصله شيء يكرهه [٢]، ولقد قلت مقالة لئن [٣] ذكرتُها لتفضحنك [٤]، ولئن كتمتها لتهلكني، ولإحداهما أهون عليَّ من الأخرى، فمشى إلى رسول الله، ﷺ، فذكر له ما قال الجلاس، فلما بلغ ذلك الجلاس خرج حتى أتى [٥] النبي، ﷺ، فحلف بالله ما قال ما قال عمير بن سعد، ولقد كذب عليَّ، فأنزل الله ﷿ فيه: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ﴾ إلى آخر الآية، فوقفه رسول الله، ﷺ، عليها، فزعموا أن الجلاس تاب فحسنت توبته، ونزع فأحسن النزوع. هكذا جاء هذا مدرجًا في الحديث متصلًا به، وكأنه - والله أعلم - من كلام ابن إسحاق نفسه، لا من كلام كعب بن مالك.
وقال عروة بن الزبير: نزلت [٦] هذه الآية في الجلاس بن سويد بن الصامت، أقبل هو وابن امرأته مصعب من قباء، فقال الجلاس: إن كان ما جاء به محمد حقًّا، فنحن أشر من حُمُرِنا هذه التي نحن عليها. فقال مصعب: أما والله يا عدو الله، لأخبرن رسول الله، ﷺ، بما قلتَ. فأتيت النبي، ﷺ، وخفت أن ينزل في القرآن، أو تصيبني قارعة، أو أن أخلط بخطيئة [فقلت][٧]: يا رسول الله، أقبلت أنا والجلاس من قباء، فقال كذا وكذا، ولولا مخافة أن أخلط بخطيئة أو تصيبني قارعة ما أخبرتك. قال: فدعا الجلاس، فقال [٨]: "يا جلاس، أقلت الذي قاله مصعب؟ " فحلف فأنزل الله: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ﴾.
وقال محمد بن إسحاق: كان الذي قال تلك المقالة - فيما بلغني - الجلاس بن سويد ابن الصامت، فرفعها عليه رجل كان في حجره يقال له: عمير بن سعيد، فاً نكرها فحلف بالله ما قالها، فلما نزل فيه القرآن تاب ونزع وحسنت توبته فيما بلغني.
[١]- في ز: "نستغفر". [٢]- في ز: "تكرهه". [٣]- في خ: "لأن". [٤]- في ز: "لتفضحني". [٥]- في ز: "يأتي". [٦]- في ز: "نزل". [٧]- في ز: "قلت". [٨]- في خ: "قال".